٣- أَنه نبي وهو قول الجمهور، حكاه أَبو حيان في ((البحر المحيط)): (٦ / ١٤٧)، وحكاه الرازي في ((تفسيره))، وعن الشنقيطي في ((أَضواء البيان)): (٣ / ١٦٢)، وعزاه القرطبي أَيضاً للجمهور كما في ((تفسيره)): (١١ / ١٦، ٢٨)، والآلوسي في ((روح المعاني)): (١٥ / ١٩)، بل قال الثعلبي: هو نبي في جميع الأَقوال، كما نقله من أَبي حيان في ((البحر المحيط)): (٦ / ١٤٧)، والنووي في ((شرح مسلم)): (١٥ / ١٣٦)، والقرطبي في ((تفسيره)): (٦ / ١٤٧)، والحافظ ابن حجر في ((الزهر النضر)): (ص / ٦٧)، وقال: (وكان بعض أَكابر العلماء يقول: أَول عقدة تحل من الزندقة، اعتقاد كون الخضر نبياً، لأَن الزنادقة يتذرعون بكونه غير نبي إَلى أَن الولي أَفضل من النبي كما قال قائلهم:
مقام النبوة في برزخ ** فويق الرسول ودون الولي
أَمَّا هذا الكاتب: فقد قال: إِن القول بأَن الخضر ولي هو قول ((الأَكثرين)، وعزا حكايته إِلى ابن تيمية، وابن كثير، والسيوطي. وفي هذا من التخون، والتغالط في النقل ما ستراه: ذلك أَن هذا النقل عن شيخ الإِسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى - عن ((مجموع الفتاوى)): (٤ / ٣٣٨) الذي أَفاد أَن الخضر ولي، وأَن هذا قول الأَكثرين، وأَنه مازال حياً.
وهذه الفتوى لم نَرَ من نقلها عن شيخ الإِسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى - قبل الشيخ ابن قاسم - رحمه الله تعالى -، جامع الفتاوى، وقد علق عليها بقوله (٤ / ٣٣٨): (هكذا وجدت هذه الرسالة) اهـ. ومعلوم أَن الشيخ ابن قاسم - رحمه الله تعالى - لا يعلق على الفتاوى بمثل ذلك، فلولا أَنه في شك من هذه الفتوى لما علق عليها لأَنها تخالف سائر فتاويه وأَقواله في الخضر، وما ينقله عنه الكافة، وبخاصة أَخص تلامذته به ابن القيم - رحمه الله تعالى- ويأْتي مزيد لهذا. ثم إِذا سلمنا أَن هذه الفتوى لابن تيمية، أَلا يلزم العالم المحقق أَن يقف على جميع كلامه، هل له في المسأَلة رأْيان، أَم ماذا؟


الصفحة التالية
Icon