هذه قاعدة هامة جداً تحمى حمى القراءات القرآنية الثابتة من طعن بعض المعربين من المفسرين وغيرهم، إذ تقرر أن القرآن الكريم هو الصل الذى ينبغى أن يصار إليه، وأن تقعّد عليه اللغة، وتضبط به قواعد النحو ؛ لأن هذا القرآن هو المعجزة الكبرى لسيدنا رسول الله - ﷺ - وقد نزل هذا القرآن عليه - ﷺ - بقراءته الثابتة، وهو فى مجابهة قوم هم أبلغ البلغاء، وأفصح الفصحاء، وهم قريش ومن أيدهم من العرب، ومع ذلك لم يطعنوا فى القرآن من هذه الناحية التى اجترأ عليها من بُعد من خَدَمة القرآن والمدافعين عنه، ظناً منهم أن هذه القراءات منشؤها اجتهاد القراء، حيث غاب عنهم أن النقل مرجعها، هذا سبب من أسباب جرأة المعترضين على هذه القراءات من جهة اللغة والإعراب، وهناك سبب آخر أوقعهم أيضاً فى الخطأ الذى لا يغتفر، وهو عدم إلمامهم الكامل بجميع أوجه العربية، وقد لاحظت ذلك حين معالجة هذا الموضوع، حيث بان لى أن كل ما اعترضوا عليه له فى العربية وجوه متعددة فى أكثر الأحيان وليس وجهاً واحداً مع أن المعروف أنه يكفى لإثبات القراءة وقبولها موافقتها للعربية ولو بوجه واحد مع توفر الشرطين الآخرين الذين سبق ذكرهما غير مرة.
ومن ثم فإنه لا يجوز مطلقاً الطعن فى قراءة ثابتة لأنها قرآن منزل من عند الله تعالى، يحتج به ولا يحتج عليه ببيت من الشعر، ولا بقاعدة نحوية هى من وضع البشر، هناك ما يخالفها أيضاً من كلام البشر.
قال أبو عمرو الدانى:
أئمة القراء لا تعمل فى شئ من حروف القرآن على الأفشى فى اللغة، والأقيس فى العربية، بل على الأثبت فى الأثر، والأصح فى النقل، والرواية إذا ثبتت عنهم لم يردها قياس عربية ولا فشو لغة ؛ لأن القرآن سنة متبعة، يلزم قبولها والمصير إليها.( )
شبهة واردة على ما قررته القاعدة