السلام المقترحات من الأمم وبين الآيات التي تبتكرها الأنبياء أن المقترحات لم تبق لهم عذراً في ترك الإيمان بعد الإتيان بها، إذ هي بمنزلة المشاهد الذي أجاز الخصم شهادته عليه، فإذا رد وجحد فقد عاند وصد فاستحق تعجيل الإنزال به، بخلاف سائر الآيات فإنها وإن كانت أدلةٌ إلا أن للناظر فيها فسحة النظر ومهلة التأمل، فلهذا لم يعجل عقابه وهذا المعنى دل عليه قوله تعالى: (ولو أنَّا أهلكناهُمْ بعذابٍ مِنْ قبْلِهِ لَقَالُوا ربَّنا لولا أَرْسَلْتَ إلَيْنَا رَسُلاً فنتبعَ آياتِكَ من قبلِ أن نَذِلَّ ونَخزَى).
" فصلٌ " في ذم التقليد والمقلدين وقد عابهم الله عز وجل في كتابه العزيز في عدة مواضع منها قوله تعالى: (وإذا قيلَ لهم اتّبِعُوا ما أنزلَ اللهُ قالُوا بَلْ نتبعُ ما ألفينا عليه آباءنا أوَ لو كانَ آباؤُهم لا يعقلونَ شيئاً ولا يهتدون)، ومن ذلك في المائدة: (وإذا قيلَ لهم تعالَوْا إلى ما أَنْزَلَ اللهُ وإلى الرسولِ قالُوا حَسْبُنا ما وجدْنا عليهِ آباءَنا أَوَ لَوْ كَانَ آباؤُهِم لا يعلمونَ شيئاً ولا يهتدون)،