ومن أوجه الاختلاف بين القصة الدينية والقصة الفنية، أن القصة القرآنية تشيع فيها التعليقات التي تلخص مغزى القصة، التي تسبق سرد أحداث القصة، أو تلحق السرد، أو تأتي خلاله لتفسر أسباب تلك الأحداث بما يبررها حتى يكون لها وقعها في النفوس بما يستخدم في التعقيب عليها من أساليب التذكير والوعظ والزجر، ومن الأمثلة على ذلك طريقة عرض قصة أهل الكهف إذ تلتقي بملخصها في ثلاث آيات ثم يأتي التفصيل. فالقصة القرآنية تحرص على إبراز المغزى في حين لا يجوز ذلك في القصة الفنية، والمحلل الأسلوبي لا يحتاج إلى تبرير مثل هذا المنهج الذي يتناسب مع غايات القرآن الكريم الدينية، فالقصة القرآنية قصة إيمان وهدفها تربية العقيدة في الوجدان الإنساني، والقرآن الكريم جاء لكل العقول والاتجاهات، وبعض الناس قد لا يستطيع استنتاج العبرة من القصة، فكان لابد من إرشاده إلى الغرض الذي تجسده بأسلوب يغلب عليه التبسيط أحياناً لتوضيح العبرة ليفهمها كل إنسان. ولكن هذا لا يعني أن القصة القرآنية تأخذ بالتقرير والمباشرة وإنما هي تهتم بالتصوير والتجسيم والاستحضار والإيحاء، فسورة "يوسف" من أولها إلى آخرها لم تقل شيئاً عن وسامة يوسف عليه السلام، لكننا نرى الوسامة الأخاذة في أعين النسوة اللائي عندما رأينه، قطعن أيديهن لفرط الذهول من وسامته. فحقيقة جمال ووسامة يوسف قدمت لنا مجسمة تكاد تنطق في قوله تعالى: فلما رأينه أكبرنه وقطعن أيديهن وقلن حاش لله ما هذا بشرا إن هذا إلا ملك كريم ٣١ ﷺ يوسف: ٣١} والتضعيف في الفعل (قَطَّعن) أسهم في إيضاح الموقف وتصويره بحيث يمكننا تخيل مشهد النسوة وهن يقمن بتقطيع أيديهن، فتشبيه يوسف بالملك الكريم يعني أن جماله فاق الوصف.