فتبين بهذه الآية الكريمة تقرير الغرض الأصيل من هذا الاستعراض الطويل وهو أن جميع الأنبياء يدينون دينًا واحدًا ويخضعون لرب واحد يعبدونه وحده لا يشركون به شيئًا، وعندما نستعرض خبر كل نبي نجد أن الله قد شد أزره ونصره ونجاه من الكرب الذي نزل به، أو المأزق الذي أوشك أن يقع فيه، كما نجى ذا النون ( يونس ) واستجاب لزكريا، وكما نجى إبراهيم وقد أوشك أن يحترق بالنار ؛ وأنه سبحانه دائمًا ينعم على رسله والذين آمنوا إذا صبروا وصدقوا، كما أنعم على داود بالنصر، وسليمان بالملك، فشكروا نعمة ربهم.
٤) وفي هذا شد لأزر المؤمنين، وتسلية لهم عما يلاقون من الهموم والمصائب، وتثبيت لرسول الله ومن تبعه من أمته، وتأثير في نفوس من يدعوهم القرآن إلى الإيمان وأنهم إن لم يؤمنوا لا محالة هالكون، وموعظة وذكرى للمؤمنين، وقد صرح القرآن بهذا المعنى في قوله تعالى ( وَكُلاَّ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْباءِ الرُّسُلِ ما نُثَبَّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجاءَكَ هذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةُ وَذِكْرى لِلْمُؤْمِنينَ ( [ هود : ١٢٠ ].
وجاء في سورة العنكبوت لمحة خاطفة عن قصة كل نبي، مختومة بالعذاب الذي عذب به المذنبون من قومه حتى ختمت جميع القصص المجملة بقوله تعالى :( فَكُلاً أَخَذْنا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِ حاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَهُ وَمِنْهُمْ مِنْ خَسَفْنا بِهِ الأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنا، وَما كانَ اللهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كانوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمونَ ( [ العنكبوت : ٤٠ ] فعلى المربي أن يستحضر مكان الموعظة والذكرى من كل قصة، ليحاور الطلاب حوارًا يوجههم إلى معرفتها والتأثر بها والعمل بمقتضاها.