رسميا، فأئمة الفقه والتفسير والسنة والأدب واللغة كانوا يحيون بين الجماهير، وجلهم جفته الدولة أو آذته، ومت اقترب من الحكام، فقد غامر بدينه، إلا من عصم الله... إن الانفصال كان طبيعيا بين العلم والحكم؟ لأن أغلب الحكام قذفت بهم الوراثة ـ حتى ولو كانوا من غير مؤهلات ـ ولم يقل أحد إن الله جعل العبقريات فى ذرية معينه... ومع أن هذا الانفصال مصيبة فادحة، إلا أن المصيبة الأفدح كانت الانفصال! بين الفقه والتربية، أو بين علوم الشريعة والتصوف. إن الإنسان الكامل يقوم بقلبه وعقله جميعا، فالذكاء مع خبث الطوية شر، وسلامة الصدر مع الجهالة والغفلة شر، والثقافات الصحيحة المتكاملة هى التى تصقل اللب والقلب معا.. وقد أشرنا فى مكان آخر إلى أن بيئة التصوف لما حرمت الفقه امتلأت بالأوهام والترهات، وأفسدت الأمة! وأن بيئة الفقه لما حرمت صدق العلاقة بالله، وقوة الثقة فيه، غلبت عليها الصنعة، وطلب الدنيا، والحرمان من التوفيق الأعلى... وقد جثمت الخلافة العباسية على صدر الأمة دهرا.. تأخرت فيه حينا، وجمدت حينا، ولم تتقدم بعيدا وراء الحدود التى بلغها الأمويون! ولم تنهض برسالة الإسلام فى الدعوة الشاملة والتشريق والتغريب.. بل إن فوضاها الضاربة أغرت الأعداء بالغارة عليها، فكانت الحروب الصليبية الأولى، وكانت الهزائم الهائلة التى نالت منا وجرأت علينا الأعداء حتى اليوم.. أما الدولة الفاطمية فكانت دولة شر كامل وليسر لها نصيب من الخير إلا فى أقل القليل.. ! الخلافة العثمانية: وقبل الحديث عن الخلافة العثمانية لابد من تمهيد كاشف.. إن الرحمن الذى خلق الإنسان، وعلمه البيان، لم يجعل أسلوب هذا البيان ص _١١٧