وقد أكون فيما سقته من هنات الأتباع وأخطاء الحاكمين قد أبرزت جانبا معتكرا لكنى لم أفعل ذلك بكاء على أطلال التاريخ، ولا تضخيما لسيئات مضت ومضى أصحابها!! إننى أردت أولا: إنصاف الإسلام، وتبرئته من شبهات يجتهد أعداؤه فى إلصاقها به. وثانيا: أردت التنبيه إلى أن الأخطاء تبدأ محتملة، غير أنها تستفحل وتتنامى على مر الأيام.. وأعرف مصارعين كسبوا مباريات صعبة، وتغلبوا على بعض العلل فى أجسامهم، ثم مرت الأيام وزاد السقام وإذا أبطال الأمس ينسحبون من الميدان، لأنئهم لم يحسنوا علاج ما عرض لهم... والإسلام دين يحمل فى كيانه بذرة الخلود ويستمد من قرآنه أمدادا منعشة كلما دخل فى جو نكد ! ولذلك بقينا، وسوف نبقى حتى يرث الله الأرض ومن عليها... وأسباب البقاء تكمن فى الرباط الوثيق بالقرآن الكريم، والعودة إليه كلما أبعدتنا موجة عاتية عنه.. وسر تنبيهى إلى ما سلف فى تاريخنا من خطأ، أن بعض المتحدثين القليلى الفقه لا يميزون بين تعاليم الإسلام ومسالك الحاكمين باسمه أو المشتغلين بعلومه.. وقد ذكرت فى بعض ما نشرت أن رجلا كاد يقاتلنى لأنى احتقرت الكلمة الشائعة " الشورى مُعلمة لا مُلزمة "! وهى كلمة قادت الأمة إلى الهاوية فى عصور طويلة... على أن شعب الإيمان فى ديننا قد يقوم بعضها بـ " عملية تعويض " عند غياب البعض الآخر لكن إلى حين... فعند تفريط الحكومة فى إقامة العدالة الاجتماعية مثلا قد تدفع عاطفة الأخوة إلى أن تمتد يد بالصدقة المسعفة، أو توفر العمل لعاطل قادر على السعى، فهل يجدى ذلك فى كل مكان وكل زمان ؟ وقد ينهض الدعاة والواعظون بعبء الأمر والنهى، فهل يغنى ذلك عن إقامة سلطات تحسن التغيير والتقرير؟ ص _١٢٤


الصفحة التالية
Icon