هنا ليظفر بالكثير هناك؟ ص _١٢٩
والمجاهدون وأسرهم أول من يعامل! بهذا القانون، وإن كان من المجاهدين من ذاق خير الدنيا والآخرة جميعا، فعمن خباب: هاجرنا مع رسول الله نبتغى وجه الله فوقع أجرنا على الله. فمنا من مات ولم ياكل من أجره شيئا! ومنا من أينعت له ثمرته فهو يهدبها ٠٠ أى يجنيها ويستمتع بها. على أن البيت النبوى انطبق عليه القانون العام فلم ينل من العيش إلا الكفاف مع دأب على العبادة والجهاد. عن أم سلمة أن النبى- عليه الصلاة والسلام- استيقظ ليلة فقال: (" سبحان الله! ماذا أنزل الليلة من الفتن؟ وماذا فتح من الخزائن؟ من يوقظ صوأحب الحجرات؟- يعنى نساءه- يارلمحب كاسية فى الدنيا عارية فى الآخرة ". إن قيام الليل أجمل عقبى من راحة الفراش، ولا خير فى زينة الدنيا إن كانت عطلا فى الآخرة. والاستعداد للمستقبل خلق محمود عند أولى الألباب، لكن الخلاف فى تعريف المستقبل فمن الناس من يحسبه ما وراء اليوم الحاضر إلى حين الوفاة وحسب! وأغلب البشر فى يومنا هذا لا يعرفون المستقبل إلا فى هذا النطاق الضيق! فإذا قال أحد: أنا افكر فى مستقبل! فليس يعنى إلا غده القريب وشيخوخته المقبلة.. أما النظر فى الدار الآخرة وإعداد ما يغنى فيها فالتفكر فيه بعيد مع كثرة النذر وموت العشرات والمئات كل ساعة: (اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون * ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث إلا استمعوه وهم يلعبون * لاهية قلوبهم) [الأنبياء : ١ـ٣] وأهل الإيمان الواعى يعرفون أن المستقبل الحقيقى يشمل الأرض والسماء معا، ويتناول القليل الباقى من العمر- ولو كان عشرات السنين- والطويل الباقى من الحياة الأبدية بعد الرحيل من هنا! وهذا ما يلفتنا القرآن إليه عندما يعبر عن الآخرة بالغد فى قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون * ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم) [الحشر :