وما في الأرض وكان الله غنيا حميدا) [النساء : ١٣١] ص _١٣٢
ثم يعود التهديد مرة أخرى لليهود والنصارى والمسلمين، بأنهم إن لم يصلحوا فى الأرض ذهب الله بهم واستخلف غيرهم: (إن يشأ يذهبكم أيها الناس ويأت بآخرين وكان الله على ذلك قديرا) [النساء : ١٣٣] والتهديد بإفناء الأجيال الفاشلة والمجىء بأشرف منها تكرر فى مواطن كثيرة من الكتاب العزيز. وبعد هذا السياق ودلالاته البعيدة يقول الله تعالى: (من كان يريد ثواب الدنيا فعند الله ثواب الدنيا والآخرة وكان الله سميعا بصيرا)[النساء : ١٣٤] أى من سقطت همته فلم تتجاوز التراب، فليبق فى دناياه، ومن طلب أفقا أعلى فإن الله لا يضيع عمله، وهو سميع لقوله بصير بعمله. ويشبه هذا قوله تعالى فى التعقيب على غزوة أحد، ومسالك من كان يريد الدنيا ومن كان يريد الآخرة: (وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله كتابا مؤجلا ومن يرد ثواب الدنيا نؤته منها ومن يرد ثواب الآخرة نؤته منها وسنجزي الشاكرين) [آل عمران : ١٤٥] وفى طلب الدنيا والآخرة جاءت آيات تحتاج إلى تفسير قريب، منها قوله تعالى: (من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون * أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون ) [هود : ١ ص ٦] والآيات تفيد أن هناك أمما وأفرادا، سوف يحيون لهذه الدنيا وحدها، لا يعنيهم ما وراءها، وسوف يبذلون قواهم ومواهبهم، للاستحواذ على ما فى الحياة من خيرات، والاستمتاع بها، دون شكر لخالقها أو قدره حق قدره... وقد بين الله تعالى أنه يعطيهم ما طلبوا، ويمكن لهم فى الدنيا بقدر جهدهم، دون بخس ولا حيف! أما الآخرة فلا نصيب لهم فيها، إذ هم لم يعنوها أو يكترثوا بها.. ويبقى أن ينالوا الجزاء الأوفى على تكذيبهم، ونسيانهم لربهم وهو الخلود فى النار! ص _١٣٣