استطاع!! فيقول الله له: ها هنا إذن، أى قف مكانك حتى تسمع ما يتم فى شأنك " ثم يقال له: الآن نبعث شاهدنا عليك، فيتفكر فى نفسه من ذا الذى يشهد على؟ فيختم على فيه، ويقال لفخذه ولحمه وعظامه: انطقى فتنطق فخذه ولحمه وعظامه بعمله، وذلك ليعذر من نفسه! ذلك هو المنافق الذى يسخط الله عليه ". وإذا كان الكافرون يحاولون الجدال والإفلات فى بعض المواقف فإنهم سيضطرون للاعتراف والاستكانة فى مواقف أخرى، قال تعالى: (فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بآياته أولئك ينالهم نصيبهم من الكتاب حتى إذا جاءتهم رسلنا يتوفونهم قالوا أين ما كنتم تدعون من دون الله قالوا ضلوا عنا وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا كافرين) [الأعراف : ٣٧] والقاتل فى دنيانا عندما يساق إلى المشنقة لا يسأل ولا يتكلم. وذاك يشبه قوله تعالى فى المجرمين: (فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جان) [الرحمن : ٣٩] لكنه عند التحقيق يبحث عمله، ويسأل عما اقترف وذلك يشبه قوله تعالى: (وقفوهم إنهم مسئولون) [الصافات : ٢٤]. إن مواطن الحساب شتى وأساليبه شتى، وكل نص يوضع بإزاء ما يناسبه! ويوم الحساب المرتقب يوم عصيب..! وما ظنك بيوم تسأل فيه البشرية كلها من بدء الخليقة إلى انتهاء الكدح فوق هذا الثرى؟: (ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود * وما نؤخره إلا لأجل معدود * يوم يأت لا تكلم نفس إلا بإذنه فمنهم شقي وسعيد) [هود : ١٠٣ـ١٠٥] والسؤال العسير يتوجه إلى الأفراد وإلى الأمم، إلى الفرد فى خاصة نفسه ليرى ماذا قدم لغده؟ وفى الحديث " يجاء بابن آدم يوم القيامة كأنه بذج- كأنه شويهة وليدة لضعفه- فيوقف بين يدى الله، فيقول له: أعطيتك وخولتك وأنعمت عليك، فماذا صنعت؟ فيقول: يارب جمعته وثمرته فتركته أكثر ما كان، فارجعنى آتك به!! فيقول له: أرنى ما قدمت.. فيقول: يارب جمعته وثمرته فتركته أكثر ما كان فأرجعنى آتك به! فإذا عبد لم يقدم خيرا، فيمضى به إلى النار ". ص _١٣٦