" إن أول ما يجب على المؤمن أن يعتقد تنزيه الله تعالى عن مشابهة خلقه، قال تعالى: (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ) وقال تعالى: (قل هو الله أحد* الله الصمد* لم يلد و لم يولد* و لم يكن له كفوا أحد ). واعتقاد غير ذلك مخل بالإيمان، واتفق أئمة المسلمين قاطبة على أن ما ورد من الكتاب والسنة مما ظاهره يوهم تشبيه الله تعالى ببعض خلقه، يجب الإيمان بأن ظاهره غير مراد، ولا يصح وصف الله تعالى بما يفيده هذا الظاهر من حيث عمومه. بل يسمون مثل هذا بالمتشابه. ولعلماء الأمة فيه مذهبان: مذهب السلف ومذهب الخلف. فمذهب السلف: يعتقدون أن ظاهره غير مراد، ويفوضون علمه إلى الله، مع إيمانهم بأن الله تعالى منزه عن مشابهة خلقه، ولا يعينون معنى خاصا، لهذا التشابه، بل عقيدتهم هى التفويض الكلى فى علمه إلى الله تعالى، أخذا بقول الله تعالى: (وما يعلم تأويله إلا الله ). ثم يبدءون فى القراءة بقوله (والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولو الألباب ). ومذهب الخلف ـ مع اعتقادهم تنزيه المولى تعالى عن مشابهة خلقه ـ يؤولون اللفظ المشابه بمعنى ليس من المستحيل إطلاقه على الله تعالى، مثلا يؤولون الصورة هنا المذكورة فى قول النبى ـ ﷺ ـ :(أتانى ربى فى أحسن صورة).. وفى قوله فى رواية أخرى: " إذا أنا بربى تبارك وتعالى فى أحسن صورة " فيقولون: الصورة مراد بها صفات الجلال والكمال التى تليق به تعالى، وهى التى تجلى بها ربه له ـ ﷺ ـ. وأنا إجمالا أمضى مع مذهب السلف بطبعى، وإن كنت أرفض نزعة التكفير. والقرآن الكريم مع استفاضة معانيه، وكثرة سوره، يمكن القول بأنه يدور على محاور خمسة. فالتشابه قائم بين آياته، وتكرار المعانى والغايات مأنوس فى سياقه (الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم و قلوبهم إلى ذكر الله ذلك هدى الله يهدي