فحب به جسما على الأرض إذ هوى وحب بها روحا إلى الله تعرج لكن ذلك كله فحوى الامتحان الإلهى للإنسان روحا وجسدا، وحظ الروح من هذا الامتحان قسيم لحظ البدن، بل دور البدن هنا دور الوسيط، فهو ينقل ما يصيبه إلى الوعى ومع الوعى يكون التحمل واتجاه الإرادة إلى مرضاة الله. ولو وقف الألم مكانه بالبنج مثلا، ولم يشعر المرء بشىء، حتى الموت ما كان له من فضل ! إن الإنسان جنس يتميز بخصائصه، وقد خلقه الله بيديه، ولم يخلقه فى أحسن تقويم، ليجىء رجل أو امرأة فيقول: إن الجسم حقير وينبغى أن يهان ويعذب! وعندما خلق الله آدم قال له: (اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا حيث شئتما) [البقرة : ٣٥] فأين تعذيب الجسد فى هذه الإباحة؟ وخلق الله الرسل، وجعلهم صفوة خلقه وقال لهم: (يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا) [المؤمنون : ص ] فأين آثار الحرمان فى هذا التكليف.. ؟ ويسر الله الأرزاق الطيبة للمؤمنين به، ولم يطلب إلا الشكر على ما أنعم (يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا لله إن كنتم إياه تعبدون) [البقرة : ١٧٢] فهل فى هذا حرب على الجسد، وتخطيط لإهانته؟ وبين- جل شأنه- أن أبناء آدم بعد رحلتهم الطويلة فى أرجاء الدنيا، وتوارثهم عمرانها حينا بعد حين سوف يعودون إلى الله كرة أخرى: (كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين) [الأنبياء : ١٠٤] فهل تتحقق هذه العودة بقيام الناس صورا لا أرواح فيها أو بقيامهم أرواحا لا أجساد لها؟ هذا تصور أخرق! الناس هم الناس وسوف يحيون بجوارحهم ومشاعرهم التى باشروا بها المعاصى أو الطاعات! وعندما يحاول الذين مردوا على الجدل والمكابرة أن ينكروا ما فعلوا نطقت أركانهم بتكذيبهم ص _١٤١