(حتى إذا ما جاءوها شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم بما كانوا يعملون * وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء وهو خلقكم أول مرة وإليه ترجعون) [فصلت : ٢٠ـ٢١] إن الإنسان الذى أحس المعاناة والتضحية فى دنياه يكافأ بنعيم مقيم فى الآخرة، روى ابن كثير عن الطبرانى أن النساء المؤمنات أفضل فى الجنان من الحور العين! قالت أم سلمة: " بم ذاك؟ قال بصلاتهن وصيامهن وعبادتهن لله!! ". ثم جاء فى هذا الحديث أن النساء المؤمنات يقلن: " نحن الخالدات فلا نموت أبدا، ونحن الناعمات فلا نبأس أبدا، ونحن المقيمات فلا نظعن أبدا، ألا ونحن الراضيات فلا نسخط أبدا، طوبى لمن كنا له وكان لنا... ". إن الذين جاهدوا فى الدنيا هم الذين يستريحون فى الأخرى والقول بأن الأجسام تفنى فلا تعود، وأن الآخرة مسرح للأرواح وحدها، وأن ثوابها وعقابها معنوى يشبه تأنيب الضمير أو راحة الضمير، قول باطل لا أساس له.. ويبدو أنه انتقل إلى النصرانية من بعض الديانات الأرضية المخرفة، وكم سطت الوثنيات على الأديان فقوضت أركانها ومحت معالمها! والغريب أن الذين يحملون فلسفة الرهبانية وقهر الأبدان هم عنصر الهزيمة والاستسلام فى الحضارة المعاصرة، وهى حضارة أسر فت على نفسها فى إرواء الغرائز ويسرت للرعاع من فنوق الملذات ما لم تشهده مقاصير الملوك الأقدمين، وهكذا تقود الأخطاء إلى الخطيئات!! على أن للجزاء المادى وزنه ومكانه، إنه لا غنى عنه، بيد أنه يجىء مكملاً ومجملا للجزاء المعنوى. وفى دنيانا ننظر إلى جائزة " نوبل " مثلا التى يصبو إليها العلماء الراسخون! إن فى منحها تقديرا أدبيا تهمش له النفس! لكن التقدير الأدبى وحده لا يطعم من جوع ولا يؤمن من خوف، ومن هنا كانت الجائزة المرصدة ثمينة وسخية.. ص _١٤٢