ونمضى فى شرح قصة الجزاء المادى لنقول: إن مطالب الجسم محدودة، وإجابتها قليلة الكلفة عندما تختفى رذائل الترف والسرف! فهل هى فوق الجزاء المعنوى؟ نقول: لا.. وتفاوت المواهب والهمم والجهود يلقى أجزية شتى بعضها أعلى من بعض.. قد يكون لك خادم مخلص، تعطيه طبق الطعام فينطر إليه قبل أن ينظر إليك! وهو يشكرك بقوة لكن عينيه لا تعدوان الطبق، وما فيه كما وكيفا.. وهناك آخر يعرفك ويقدرك ويعرف الناس بك وبقدرك، فإذا قدمت إليه الطبق كانت نظرته إليك أسبق وأعمق، وعندما يتناول الطبق منك، يتمنى لو منحته كتابا من تآليفك يزيده بك علما ولك تقديرا هل يستويان؟ إن من أهل الإيمان من تشغله أمجاد الألوهية فهو معها فى فرح دائم! أو حضور غالب، وهو قى سرائه وضرائه ناظر إلى ربه... وحسب. لكن اللذة والألم قوانين نفسية لا ينفك عنها بشر، وعندما يعتر أهل الإيمان عن أحوالهم فلن يخترقوا أبدا آداب الشرع ويتعدوا حدود الله. إذا قال الله تعالى: (فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز) [آل عمران : ١٨٥] فلا يجوز لأحد أن يقول: ما الجنة وما نعيمها؟ إننا نريد وجه الله! هذا كلام سقيم! هل يريد أن يرى وجه الله وهو فى ظل شجرة الزقوم؟ إن كان لها ظل!! إن الله يتجلى برضوانه على عباده المؤمنين وهم يرفلون فى حلل الجنة، ويمشون فى ظلها الدائم! وفيما ذكرنا شرح لقوله تعالى: (وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ومساكن طيبة في جنات عدن ورضوان من الله أكبر ذلك هو الفوز العظيم) [التوبة : ٧٢] إن الرضوان الإلهى أعلى من كل نعيم، وأقر للعين من كل لذة، ولكننا نرفض سوء الأدب مع عبارات الشارع الحكيم. ص _١٤٣