هل هذا المؤمن العظيم رجل واهم؟ وهو الذى قال فيه رب العالمين: (من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر). وجعفر الطيار، الذى احتضن علم الإسلام بيديه، فما سقط إلا بعد أن انقطعت ذراعاه، فسارع بطل آخر لحمل العلم الغالى. لقد كان جعفر يتشوف إلى الشهادة وهو يقول: " يا حبذا الجنة أو اقترابها طيبة وباردا شرابها! ". فهل تطلع الرجل المعنى إلى الراحة فى ظلال الجنة وهم، أو ضعف فكر؟ كما يزعم أصحاب الخلل فى فطرتهم ونظرتهم!! إن أنصاف المتعلمين والمتدينين الذين يتكلمون فى الإسلام وهم بمعزل عن كتاب الله وسنة رسوله خير لهم أن يصمتوا وأن يستحوا ! وقد قرأت لبعض القساوسة المبشرين بالنصرانية تهكما بالجنة الذهبية وجنهم النارية! وتنديدا بالأجزية المادية التى شرحها الإسلام! إن هؤلاء الناس متأثرون بأفكار أرضية وفلسفات مقطوعة الصلة بالوحى، ولننظر: ماذا أسدوا للإنسانية من خير بهذا الكلام؟ هل ارتقوا بالحضارة المعاصرة وخففوا من كثافتها؟ هل حولوا العوام والخواص إلى روحانيين يكبتون الشهوات ويحلقون فى السموات؟ إنهم أخطئوا فى علاج النفس البشرية، ولم يعرفوا المفتاح الذى يدور فى أقفالها فتنفتح! إن مقادير ضخمة من الترهات تسكن فى عقول القوم وأفئدتهم صرفت أولى الألباب عن الدخول فى الدين، واحترام مواريثه.. إن الإنسان الذى هو مادة وروح لا يصلح إلا بتعاليم تعترف بمادته وروحه معا، وهذه التعليم حمل رايتها الأنبياء كلهم ومن بينهم موسى الذى قال معتذرا عن قومه ص _١٤٥


الصفحة التالية
Icon