والحور العين هن بنات آدم بعد صوغهن فى قوالب أخرى تجعل العجائز شواب والدميمة وسيمة! أو هن خلق آخر يبدعه الله فى صور فتيات ساحرات العيون يستمتع بهن أهل الجنة.. والظاهر أن الحور من الصنفين معا، وأن تغييرا كبيرا سوف يقع فى أجسام الرجال والنساء وفى هيئاتهم، وهو تغيير إلى الأشرف والأكمل... فلن تكون لأبناء آدم فضلات، وسيلتئم شمل الأسرة المؤمنة على الحب والرضا مصداق قوله تعالى :( جنات عدن يدخلونها ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم والملائكة يدخلون عليهم من كل باب * سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار) [الرعد : ٢٣ـ٢٤] والواقع أن الجسم الإنسانى على روعة إبداعه له عوارض محرجة ومزعجة، وما يتم النعيم إلا بتعديل أجهزته على نحو أسمى وأنظف وأقوى وأجمل.. وربما كان خلقه على ما نحس بعض الامتحان الذى فرض علينا فى هذه الدنيا.. ولا توجد فى القرآن الكريم لسورة تستوعب كل الأجزية الحسنة المعدة للمتقين، وإنما تعرض مناظر، أو تلتقط صور لجوانب من النعيم تناسب كل سورة، وتشرح صدور القارئين بما تثير من أشواق، وتفتح من آمال.. وفى هذه السورة رأينا لونا من النعيم المعد للسابقين، ولونا آخر من النعيم المعد لأصحاب اليمين، وهم أكثر عددا من الصنف الأول (ثلة من الأولين * وثلة من الآخرين) [الواقعة : ٣٩ـ٤٠]. ونشرح بعض الكلمات التى وردت فى ثوابهم: (السدر) شجر يثمر النبق! وينبت مع كثرة الماء، ولعل ذلك سر نفاسته عند سكان الصحراء، مع نكهته اللطيفة، ويصحبه دائما شوك قد يخدش لكنه فى الجنة (مخضود) لا شوك فيه! والطلح المنضوض هو الموز المنسق المركوم فى نظام، وقيل ثمر يعرفه أهل الغرب وغيرهم، والظل الممدود، هو الذى لا يتقلص مع وقدة الشمس (أكلها دائم وظلها تلك عقبى الذين اتقوا)، والماء المسكوب ما يجرى تحت قصور الجنة أو ما تدفعه النافورات إلى أعلى. ص _١٤٩


الصفحة التالية
Icon