ولما كانت الفواكه فى الأرض موسمية تظهر فى بعض الشهور وتختفى بقية العام وصفت فاكهة الجنة بأنها (لا مقطوعة ولا ممنوعة). والعروب المرأة المتوددة إلى زوجها المقبلة عليه! والجمع عرب، وسواء كن من نساء الدنيا بعد صياغتهن الجديدة أو من الحور المنشآت لأهل الجنة، فهن متقاربات الأعمار، وذاك معنى قوله تعالى (عربا أترابا * لأصحاب اليمين).. والكلم كله- فيما نرى- من البشريات لأمة محمد ـ ﷺ ـ فالسابقون قلة فى المعاصرين، ولكنهم ثلة كبيرة من الأخلاف.. ويجوز غير ذلك! ثم ينتقل السياق إلى أصحاب المشأمة، أو أصحاب الشمال، وهم جمهور الملاحدة والفسقة والمكذبين ممن شاقوا الرسل، وعادوا الدين كله، ورضوا بالحياة الدنيا، واطمأنوا بها وسخروا مما وراءها، ولم يعرفوا فى دنياهم إلا مآربهم. ونفسر الكلمات التى وردت فى صفة عذابهم (في سموم وحميم) السموم الريح اللافحة بحرارتها، من السم، لشدة أذاها، والحميم الماء الساخن الذى يغلى. (وظل من يحموم) اليحموم الدخان الكثيف الأسود، ولا قيمة لظله، ولذلك جاء فى موضع آخر (انطلقوا إلى ظل ذي ثلاث شعب * لا ظليل ولا يغني من اللهب) [المرسلات : ٣٠ـ٣١] وهو من الحميم جمع حممة، الفحم. وبم استحق أصحاب الشمال هذا العذاب؟ لأنهم لم يتقوه فى الدنيا بعمل صالح، بل هم لم يؤمنوا به أصلا، وكانت معيشتهم على ظهر الأرض تشبعا من اللذات المتاحة، أو جريا وراءها سواء أوجدت أم لم توجد. لذلك يقال فى تسويغ عقوبتهم (ذلكم بما كنتم تفرحون في الأرض بغير الحق وبما كنتم تمرحون) [غافر : ٧٥]. وقد وصف الله سبحانه معيشة الكافر فى الدنيا، وانحصاره فيها وحدها فقال: (إنه كان في أهله مسرورا * إنه ظن أن لن يحور ) [الانشقاق: ١٣ـ١٤] ـ يرجع إلى ربه ـ (بلى إن ربه كان به بصيرا) [الانشقاق: ١٥]. ص _١٥٠


الصفحة التالية
Icon