والكافرون يبنون حياتهم على ألا بعث! وهذا الفكر يكاد يطوى الآن المشارق والمغارب، وهو أساس الإيغال فى المعاصى، والانكباب عليها دون شعور بقبحها أو ندم على اقترافها.. وذلك هو الخبث العظيم أى المعصية الفادحة التى عناها النظم الكريم فى الآيات (إنهم كانوا قبل ذلك مترفين * وكانوا يصرون على الحنث العظيم * وكانوا يقولون أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا لمبعوثون * أوآباؤنا الأولون * قل إن الأولين والآخرين * لمجموعون إلى ميقات يوم معلوم) [الواقعة : ٤٥ـ٥٠] ويعود الكلام مرة أخرى إلى وصف ما يلاقيه الملاحدة من عذاب (ثم إنكم أيها الضالون المكذبون * لآكلون من شجر من زقوم) [الواقعة : ص ـ٥٢] والزقوم طعام مرير قبيح- أعاذنا الله منه- إذا أكله صاحبه اهتاج إلى طلب الماء فلم يجد إلا ماء يغلى (وسقوا ماء حميما فقطع أمعاءهم) [محمد : ١٥] ومع أثره الفظيع فإن آكل الزقوم يتطلب المزيد من الشراب لما يحسه من عطش! فهو كالبعير الأهيم المصاب قى أمعائه بحمى تحمله على طلب الماء بنهم لا ينقضى. وقد وصف أهل النار بأنهم يملئون بطونهم من الزقوم تم يبحثون عن الماء بحث الإبل الهيم عما يرويها، وهيهات (هذا نزلهم يوم الدين) [الواقعة : ٥٦]. وصور الثواب والعقاب كلها سيقت للترغيب والترهيب، ودعم تربية سليمة، لاسيما فى هذا العصر الذى تضافر فيه العلم والفن والإعلام الهازل والجاد على تجهيل الناس بالآخرة، وصرفهم عن العمل ! لها.. وإيقاظ مشاعر الرغبة والرهبة لا يكفى! بل لابد من إيقاظ العقل الإنسانى ليفكر ويصدق ويتصرف بروية! ومن ثم شرعت سورة الواقعة فى سرد الأدلة الشاهدة على أن البعث حق، فذكرت خمس أدلة منتزعة من آفاق الكون، وتجارب الناس!! الأول: (نحن خلقناكم فلولا تصدقون) لماذا يتهم صاحب الخلق الأول بالعجز عن الخلق الثانى؟ إننى عندما أنشى درسا أتعب فيه فإذا أعدته كان على سهلا! ص _١ ص