إن الله لا يحب المعتدين: أول ما قرأت فى المصحف الشريف: (ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين) [البقرة : ١٩٠]. وبعد سطور قليلة: (وأحسنوا إن الله يحب المحسنين) [البقرة : ١٩٥] هذه قوانين عامة يجب أن تضبط مسالك الناس جميعا.. فى البحار وفى الغابات يسود قانون القوة، فالأسماك الكبرى تبتلع الصغرى! والوحوش الكاسرة تلتهم الحيوانات الأليفة أو الضعيفة.. ليس هناك عقل ولا عدل! فهل تسود هذه الشرعة بنى الإنسان؟ إن هناك أناسا لهم فضول! أموال وأوقات وذكاء وقدرة يحبون أن يقتحموا غيرهم بما أوتوا ويستبيحوا حقوقهم وحرماتهم.. والعالم يعانى من قديم آثار هذه المظالم، والوحى الأعلى من قديم يناشد الناس أن يتعاونوا على البر والتقوى لا على الإثم والعدوان!! فى صباى شاهدت عقدا بين مالك أرض ومستأجرها، فرأيت المستأجر وقع على بياض تاركا للمالك أن يضع القيمة التى يفرضها، فى اليوم أو فى الغد! ورأيت أولئك الأجراء إذا ظفروا بالكفاف من عملهم طوال العام، حمدوا الله على السلامة. وتغيرت الدنيا، وأمسى لعقد الإيجار معنى آخر، فقد صار عقد تمليك فى الحقيقة، فالمستأجر لا يخرج من الأرض، وإذا أراد صاحبها أن يبيعها قال المستأجر: أرفض إلا إذا أخذت نصف الثمن! وهكذا أصبح المظلوم ظالما، وكأن المجتمع تحكمه قاعدة: إن الله يحب المعتدين! هذا إذا ذكر الله! وسمعت من سنين مقتل عشرة من علماء المساجد فى قطر إسلامى إفريقى، رفضوا انقلابا شيوعيا، يريد إطفاء أنوار الإسلام! وكان الخبر من إذاعة أوروبية، لأن الإذاعات العربية آثرت الصمت! ص _١٦٢