والله سبحانه عندما نشر أبناء آدم فوق الثرى، وناط بهم رسالة الحياة كلفهم- كى يكونوا ربانيين- أن يحسنوا العمل، وأن يبلغوا به درجة الكمال وإذا غلبتهم طباعهم الضعيفة فلم يصلوا إلى هذا الشأن وكرروا المحاولات، ولم يستريحوا إلى نقص أو قصور، ولايزالون يجاهدون حتى يبلغوا بأعمالهم درجة الكمال المستطاع. قال رسول الله - ﷺ -: " إن الله كتب الإحسان على كل شىء... ". ومر النبى - ﷺ - على رجل واضع رجله على صفحة شاة، وهو يحد شفرته، وهى تلحظ إليه ببصرها، قال: أفلا قبل هذا... أتريد أن تميتها موتتين ؟ هلا أحددت شفرتك قبل أن تضجعها " ! وعن ابن سيرين " أن عمر- رضى الله عنه- رأى رجلا يسحب شاة برجلها ليذبحها، فقال له: ويلك قدها إلى الموت قودا جميلا ". إن الدين إذا لم يكن ارتفاعا بمستوى الإنسان فما يكون؟ وفى هذه الأيام العجاف أرى جماهير من المسلمين، أبعد أهل الأرض عن حقيقة ا لإحسان! بيوتهم رديئة، وطرقهم رديئة، وسيرهم رديء، وإذا صنعوا سلعة خرجت من بين أيديهم دون غيرها مما يصنع الناس، وإذا أرادوا عملا استغرق الكثير من الأوقات والجهود، ولم يبلغوا به درجة الاكتمال التى يحققها قن بذل جهدا أضعف ووقتا أقل!! كأنهم من طينة غير طينة البشر خلقوا! هؤلاء الناس فى انتمائهم الدينى ريب كبير، ولكى يعودوا إلى الإسلام يجب أن يعاد تشكيلهم العقلى والخلقى حتى إذا باشروا عملا ما أقبلوا عليه بقواهم المادية والأدبية كلها، فخرج سليما كريما.. لاسيما ونحن فى حضارة صناعية تقاس فيها ا لأبعاد " بالمليمتر " أو بما دونه، ولا تقبل فيها المجازفات والمساهلات والمصادفات العمياء... وللإحسان فى الكتاب الكريم معان عدة يدل عليها السياق، فقوله تعالى: ص _١٦٦


الصفحة التالية
Icon