تتطلب الصمود والبسالة إلى الرمق الأخير: (وما كان قولهم إلا أن قالوا ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين * فآتاهم الله ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة والله يحب المحسنين) [آل عمران : ١٤٧ـ١٤٨]. وهكذا نرى الإحسان يشمل الفرد والمجتمع والدولة، ولن تقوم تربية راشدة إلا إذا غرسنا معنى الإحسان فى النفوس على أنه من محاب الله تبارك وتعالى. إن الله أصلح الأرض بما وضع لها من سنن، وأنزل فيها من وحى، فلماذا يحاول بعض الناس إفسادها بالفوضى والإهمال والتسيب؟ لقد رأينا من يباشر العمل وهو خامل، ويقبل عليه دون مبالاة بنتائجه، ويتركه يمشى فى غير مساره، ولا يشعر بما يصنع من تخريب يهلك الحرث والنسل! فهل خلق الناس لينشروا هذا العبث؟ (والله لا يحب الفساد) [البقرة : ٢٠٥] ويقول الله لقارون: (ولا تبغ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين) [القصص : ٧٧]. والفساد المكروه له مظاهر شتى، أولها الخروج على سنن الله الكونية والاجتماعية ومعالجة الشئون الخاصة والعامة بالهوس والقصور.. وقد يبدأ ذلك بأمور تافهة، مثل ترك صنبور الماء مفتوحا دون سبب، أو مكسورا دون إصلاح، أو ترك خلل طارئ ليصبح عاهة مستديمة، أو شرر محقور ليتحول إلى حريق مستعرة.. إن الأمور صغيرها مما يهيج له العظيم! وهناك فساد إدارى بالغ الأضرار فى العالم الثالث! فالرجل يتولى المنصب العام فيحسبه متعة خاصة أو جاها شخصيا ولا يعلم أنه مسئولية جسيمة وأمانة صعبة. ومن ثم لا يتيقظ لمطالبه ويلا يسهر على مراقبته، وقد رابنى فى ميدان الإدارة أن الرئيس والمرءوس يحتالان على الهرب، وقد يشتد غيظى عندما يتذرع البعض بإقام الصلاة على ترك الأعمال ساعة أو نصف الساعة قد تصاب فيها الآلات بالعطب أو الإنتاج بالنقص!! ص _١٦٨


الصفحة التالية
Icon