فى أقطار أخرى يتنافس العاملون على أداء العمل فى أقصر وقت، وبأقل جهد، وعلى خير وجه، أما نحن ففى واد آخر من الغفلة والتسيب. والإدارة فن، يقوم على النشاط، والذكاء، والانتباه، والابتداع، وقد ألهم العرب هذه الخصال فغلبوا بها دولا ذات تاريخ عريق. والذين درسوا خطة خالد بن الوليد فى معركة اليرموك، أو خطة الصحابة فى معركة الأحزاب، يعجبون لتفوق المسلمين الإدارى. أما اليوم فإن أساليبنا فى إدارة الأعمال، لا تنبع من فكر ثاقب، أو عزيمة منعقدة، فما قيمة إيمان يفقد هذه العناصر؟ الرسالات العظيمة تنجح عندما تجند لها المواهب العظيمة، وهذه المواهب تبدأ بتعود النظام، وتنمية الملكات، واستكشاف القدرات والخبرات. والتجاوب مع فطرة الله فى الأنفس والآفاق. والكراهية الشديدة للتبلد والكسل والعجز، والكراهية الأشد لإنشاء الفساد، ورؤية الفوضى تدس أصعابها فى كل شئ فتجعل العامر بلقعا، والدين تواكلا وتخلفا وانهزاما أمام إلحاد مقدام. وشهوات جموح..!! إن الله يحب التوابين: وهذا أفق آخر من الكمال المادى والمعنوى وصفه القرآن الكريم بقوله: (إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين) [البقرة : ٢٢٢]. أى يحب سناء الأرواح وكمال الأجسام كما يشير السياق. إن البشر لهم أجساد حافلة بالأجهزة والغدد التى لا تنقضى إفرازاتها وفضلاتها، ولو تركت من غير تنقية وتطهر، لأنتنت وكانت مثار اشمئزاز. كما أنهم يحيون فوق الأرض التى يهيج فوقها الغبار، وترتفع الحرارة فيتلوث الجلد بالعرق والأدران فلا جرم أمر الإسلام بتجديد الوضوء، والتعهد المستمر للنظافة الشاملة للجسم والثوب والمكان. ص _١٦٩


الصفحة التالية
Icon