ومن هنا أمر الإسلام بتحسين السريرة وتخليص النفس من العلل والمقابح. والإسلام لا يطلب العصمة الدائمة فذاك مستحيل، ولسنا ملائكة نقية المعدن موصولة أبدا بالسماء ونورها. إننا بشر نخطئ ونصيب ونعثر وننهض ونعتكر ونصفو! والمطلوب إذا غلطنا أن نصحح الغلط، وإذا سقطنا أن نتجاوز الزلل! فإن من أصر أحاطت به خطاياه فأردته، عن أبى هريرة قال: قال رسول الله - ﷺ -: " إن المؤمن إذا أذنب ذنبا كانت نكتة سوداء فى قلبه، فإن تاب ونزع واستغفر صقل منها... وإن زاد زادت- إن زاد العصيان زاد السواد- حتى يغلف قلبه، فذلك الران الذى ذكر الله فى كتابه: (كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون) ولما كان الخطأ طبيعة فى الإنسان، وجب أن تكون التوبة عادة لازمة له! ومن لطف الله أنه كتب عدى نفسه الرحمة، وأنه يهش للنادم إذا استقام بعدما انحرف. عن أبى موسى أن رسول الله - ﷺ - قال: " إن الله عز وجل يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، حتى تطلع الشمس من مغربها". وإنما وقت قبول التوبة بهذا الحدث الكبير؟ لأنه نهاية المهلة الموضوعة للبشر كى يؤمنوا بملء حرياتهم! فإن الطالب يظل امتحانه صحيحا مادام يكتب من ذاكرته! فإذ! وضع بين يديه كتابا يقرأ منه الجواب بطل الامتحان. ولذلك لا توبة عند الغرق، ولا توبة فى النزع الأخير " عن عبد الله بن عمر أن النبى - ﷺ - قال: " إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر " أى عند بلوغ الروح الحلقوم!! والمغريات بالانحراف والذهول كثيرة، وما يعرو الروح منها يساوى ما يعرو البدن من عرقه وفضلاته ومن ثم كان لابد من غسل النفس بالتوبة وغسل الجسد بالماء، وكلاهما طهور، وذاك معنى الآية: (إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين) ص _١٧١


الصفحة التالية
Icon