وقد ظلت النصرانية ردحا من الزمن لا تعرف إلا التوحيد النقى، ولا تشرك بالله شيئا، حتى دخلها الرومان، فخلطوها بمواريثهم الوثنية، وفرضوا عليها صبغتهم القديمة، فإذا خليط من التعاليم يمثل التناقض التام: إله أب، وإله ابن، وإله روح قدس والثلاثة واحد! كيف؟ الابن قتل إرضاء للأب، الذى طلب فداء عن خطيئة آدم، فكان القربان الابن الوحيد! لماذا؟ وما علاقة الابن البريء بآدم المخطئ؟ ولماذا لا يتم الرضا إلا بسفك الدم؟ وإذا كان الابن هو الأب فكيف يتصور قتله دونه؟ وما معنى أن يتعشى المسيح قبل صعوده إلى السماء ليتولى مهام الألوهية ثم يقول عن الخبز الذى أكله والخمر التى شربها: هذا جسدىا وهذا دمى، ليكون من الاثنين قربان مقدس ـ بعد تعويذة من الكاهن ـ تجعل العشاء الربانى من معالم الدين؟ والنصارى يرفضون بشدة أن يوصفوا بتعدد الآلهة (!!) ويقولون: نحن نؤمن بإله واحد. وهذا الرفض بقية ولاء للمواريث السماوية عندهم، وليتها بقيت فلم تشبها شائبة! فإذا قلت لهم لقد جعلتم الله ثالث ثلاثة قالوا: لا، إنه الثلاثة كلها... فإذا تساءلت هل دائرة الألوهية انقسمت أثلاثا لكل واحد منهم الثلث؟ قالوا: لا، كل من الأب والابن والروح القدس إله مستقل متميز، ومع ذلك فهم واحد!! وسمعت تسجيلا لأحد رؤساء الكنيسة الدهاة يقول فيه: إن الإله الابن هو صفة العلم، والإله روح القدس هو صفة الحياة! قلت: فهل صفة العلم تقتل ويسيل دمها على الصليب؟ إن الذات الإلهية لها صفات كثيرة، وإنه يسرنا أن يؤمن العالم كله بالذات الإلهية، وما يجب لها من نعوت الكمال، وما أكثر هذه النعوت. وعندئذ سيوقن الناس أجمعون بما نزل على محمد ( قل هو الله أحد * الله الصمد * لم يلد ولم يولد * ولم يكن له كفوا أحد ). من المحزن أن الرومان لم يتنصروا، وأن النصرانية هى التى ترومت، وأن تعاليم ص _٠٢٧