– ومن العجيب أن قدرا كبيرا من القرآن يعالج ما يسمى بالقصص القرآنى... ومعالجته ليست لمجرد أن يكون القرآن كتاب تاريخ أو أن يكون من باب الإعجاز القرآنى.. بل الأمر أعمق من ذلك وإن كان ذلك جزءا من الإعجاز..!! فالمقصد الأسمى أن يفهم المسلمون سنن الله الكونية والاجتماعية، وألا يحاولوا القفز من فوق سنن الله، وأن يعوا أنهم لن يمكنوا فى الأرض إلا إذا تفاعلوا التفاعل الصحيح مع هذه السنن... ويفهموا أيضا أن التاريخ ذاكرة ضرورية للحاضر والمستقبل... وهو (الكمبيوتر) الذى يغذى الحاضر بالمعلومات الصحيحة، فيمكن الوصول إلى القرار المستقبلى الصحيح!! – وقد تحدث القرآن حديثا مستفيضا عن البعث والجزاء، وكأنهما حاضر يراه الناس... ولا غرو فى ذلك، فالحاضر والمستقبل مصطلحات خاصة بنا لكنها بالنسبة لعلم الله لا معنى لها، فالماضى والحاضر والمستقبل عنده سواء... وقد أراد الله من ذلك تربيتنا على (تمثل الغيب) فى فكرنا وسلوكنا... لأننا (مهما كاد الكائدون) ( الذين يؤمنون بالغيب ) إيمانا لا يتزعزع، إذ هو جزء من إيماننا بالله.. وهو كذلك من وسائل التربية والتقويم.. ؟ لأنه خطاب للقوى الموجودة فى الإنسان، والتى تحتاج إلى مثل هذا اللون من الخطاب... فليس بالعقل وحده يقوم الكون أو يعيش الإنسان!! إن هذه هى المحاور الخمسة التى أقام عليها أستاذنا الإمام الشيخ محمد الغزالى هذه الوقفة مع كتاب الله... وفى يقينى أن ثمة وقفات أخرى مع كتاب الله يجب أن يقفها الإمام الغزالى، وإنى لأجزم أنها تعيش فى ضميره ووجدانه... وأرجو الله أن يفتح له – ولى – من أبواب رحمته التى لا ممسك لها إلا هو... حتى يمتد وقته طولا فى الزمان وعرضا فى البركة، فيقدم للأمة المسلمة مزيدا من الوقفات مع الكتاب المعجز الذى لا تملك البشرية وحيا سماويا لم يأته الباطل سواه.. ص _٠٠٧


الصفحة التالية
Icon