الذر، فالله لا يخفى عليه شىء، (وقال الذين كفروا لا تأتينا الساعة قل بلى وربي لتأتينكم عالم الغيب لا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين ). وفى تفصيل آخر لمحتويات هذا الكتاب يقول جل شأنه (وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين ). وبديه أن أعمارنا، وأرزاقنا، وتفاصيل حياتنا، ومواعيد وفاتنا، بعض محتويات هذا الكتاب، فليس من المعقول أن يجهل ربنا شئون ما خلق ومن خلق، أو يجهل الخطة التى وضعها لسير الكون وسكانه، والأرض وقطانها، أو يجهل مراحل تنفيذها، بما هيأ من أدوات: ( وأسروا قولكم أو اجهروا به إنه عليم بذات الصدور * ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير ) والناس كلهم، كافرهم ومؤمنهم، طفلهم وشيخهم، ينالون ما سطر لهم فى هذا الكتاب، بل المخلوقات من جماد وحيوان تتحرك فى دائرة هذا العلم السابق الصادق. قال تعالى: (ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير ). وقد أمر الله المؤمنين أن يستريحوا لهذا العلم القديم، ويستكينوا (قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون ). إن هذا العلم الأعلى يتناول ملكوتا نشغل نحن البشر حيزا صغيرا منه، وما ندرى شيئا عن آماده! ما لنا وللمريخ أو للشعرى، أو لغيرهما من العوالم؟ كما يتناول فى حياتنا على ظهر الأرض نوعين من الأعمال، نوعا لا ندرى كيف بدأ، ولا أين يتجه، ولا متى يتوقف؟ وهذا النوع من الأعمال وإن مس حياتنا من قريب، أو بعيد فلسنا مسئولين عنه ولا مؤاخذين بخيره أو شره! إن الأقدار حولنا تصنع الكثير، مما نفهم وما لا نفهم، وهذا الكثير يتحول إلى أسئلة ص _٠٣٢


الصفحة التالية
Icon