عملية، نجيب عليها بسلوكنا، ترى أنصبر فى البأساء والضراء؟ ترى أنشكر فى النعماء والسراء؟ إن البشر جنس محكوم ومختار فى آن واحد، إنه محكوم بالإمكانات التى فى كيانه، والملابسات التى من حوله! ومختار فى موقفه من هذه وتلك... ونريد أن نقول مصارحين وحاسمين. إننا لن نسأل أبدا عما لا إرادة لنا فيه، ولكننا تسأل يقينا عما نملك فيه حرية الاختيار.. وبعض الناس يحلو لهم الخلط بين الأمرين أحيانا، وهذا لون من الجدل المحقور، والمشاقة لله ورسله، ولنا مع هؤلاء حديث قد يطول... لقد شاء الله ـ لحكمة لا نعلمها ـ أن يخلقنا ويكلفنا، وقال فى وضوح (الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور )، فجاء من يزعم أن الحياة رواية تمثيلية خادعة! وأن التكليف أكذوبة وأن الناس مسوقون إلى مصايرهم المعروفة أزلا طوعا أو كرها! وأن المرسلين لم يبعثوا لقطع أعذار الجهل، ومنع الاحتجاج المرفوض، بل المرسلون خدعة، تتم بها فصول الرواية، أو فصول المأساة..! والغريب أن جمهورا كبيرا من المسلمين، يجنح إلى هذه الفرية، بل إن عامة المسلمين يطوون أنفسهم على ما يشبه عقيدة الجبر، ولكنهم حياء من الله يسترون الجبر لاختيار خافت موهوم.. وقد أسهمت بعض المرويات فى تكوين هذه الشبهة وتمكينها، وكانت بالتالى سببا فى إفساد الفكر الإسلامى، وانهيار الحضارة والمجتمع.. إن العلم الإلهى، الذى ذكرنا شموله وإحاطته، وصاف كشاف، يصف ما كان ويكشف ما يكون، والكتاب الدال عليه يسجل للواقع وحسب! لا يجعل السماء أرضا ولا الجماد حيوانا، إنه صورة تطابق الأصل بلا زيادة ولا نقص، ولا أثر لها فى سلب أو إيجاب.. وعندما يذكرنا ربنا بهذا كله، فلكى يكشف لنا جانبا من عظمته، حتى ص _٠٣٣


الصفحة التالية
Icon