نقدره حق قدره.. وعندما نتعلم منه أن ما نجهل من مستقبل، مكشوف لديه، فليس معنى هذا أن الامتحان الذى نتعرض له صورى، وأننا مسوقون إلى هذا المستقبل برغم أنوفنا.. إن هذه الأوهام، تكذيب للقرآن، والسنة، فنحن بجهدنا وكدحنا ننجو أو نهلك، والقول بأن كتابا سبق علينا بذلك، وأنه لا حيلة لنا بإزاء ما كتب أزلا... هذا كله تضليل وإفك ( قد جاءكم بصائر من ربكم فمن أبصر فلنفسه ومن عمي فعليها وما أنا عليكم بحفيظ ) (وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر إنا أعتدنا للظالمين نارا أحاط بهم سرادقها وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقا). والواقع أن عقيدة الجبر تطويح بالوحى كله، وتزييف للنشاط الإنسانى من بدء الخلق إلى قيام الساعة، بل هى تكذيب لله والمرسلين قاطبة.. ولما كانت بعض المرويات مسئولة عن هذا البلاء، فقد أحببت أن أشرح القضية بضرب بعض الأمثلة.. قد يقول لك الأستاذ بعدما خبر تلامذته فى قاعة الدرس: إننى أعتقد، أن فلانا سوف ينجح، وفلانا سوف يرسب... ثم يعقد الامتحان آخر العام، ويدخله الطلاب، فإذا رأى الأستاذ يتحقق! فيقول لك مباهيا: إن كلامى لا يقع على الأرض، كان لابد أن يتحقق ما قلت! هل معنى ذلك أن رأى الأستاذ، هو الذى أنجح هذا، وأسقط ذاك؟ كلا، إن ذلك نجح بجهده، وذاك سقط بلعبه.. وما قول الأستاذ إلا تصوير لصدق حكمه. إن لله المثل الأعلى، وعلمه بكل شئ مستيقن، وعلمه السابق الذى لا يتخلف ليس سببا فى نجاة ولا هلاك، انه لا يتخلف، لأنه علم الله الذى يستوى عنده الماضى والحاضر والمستقبل، والظن بأن نجاة من نجا، وهلاك من هلك، هو أثر إكراه الله لهذا وذاك، هو ظن السوء، وما أراه إلا كفرا..!! ومن ثم فإننا نتناول بحذر شديد ما جاء فى حديث مسلم " فو الذى لا إله غيره، إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها،


الصفحة التالية
Icon