وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار... " ص _٠٣٤
إذا كان الحديث المذكور تنويها بشمول العلم الإلهى، وأن بدايات بعض الناس قد تكون مخالفة لنهاياتهم فلا بأس من قبوله بعد الشرح المزيل للبس، المبطل للجبر.. أما المعنى القريب للحديث فمردود يقينا، وهو مخالف للكتاب والسنة، أو للعقل والنقل.. وأذكر هنا – أن الإمام مالكا فى موطئه روى حديث عائشة – الذى نقله مسلم – "كان أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن، ثم نسخن بخمس معلومات، فتوفى رسول الله – ﷺ – وهن فيما يقرأ من القرآن" ! قال الإمام مالك: ليس على هذا العمل... ورفض الحديث. وحق له أن يرفضه، وقد بنى مالك مذهبه كالأحناف على أن مطلق الرضاع يحرم.. ونحن نؤكد مرة ومرتين أنه ليس لروايات الآحاد أن تشغب على المحفوظ من كتاب الله وسنة رسوله، أو أن تعرض حقائق الدين للتهم والريب. وقد قرأت ما رواه الترمذى عن عمر بن الخطاب - رضى الله عنه - أنه سئل عن قوله تعالى (وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين). قال عمر بن الخطاب رضى الله عنه: سمعت رسول الله - ﷺ - يسئل عنها فقال رسول الله - ﷺ - : إن الله خلق آدم، ثم مسح ظهره بيمينه فاستخرج منه ذرية، فقال: خلقت هؤلاء للجنة، وبعمل أهل الجنة يعملون، ثم مسح على ظهره، فاستخرج مند ذرية فقال: خلقت هؤلاء للنار، وبعمل أهل النار يعملون، فقال رجل يا رسول الله ففيم العمل؟ قال: فقال رسول الله - ﷺ - : إن الله إذا خلق العبد للجنة، استعمله بعمل أهل الجنة، حتى يموت على عمل من أعمال أهل الجنة، فيدخله الجنة، وإذا خلق العبد للنار، استعمله بعمل أهل النار حتى يموت على عمل من أعمال أهل النار فيدخله الله النار". ص _٠٣٥


الصفحة التالية
Icon