وهذا السياق يكاد يكون نصا فى الجبر، ولذلك نرفضه، ونراه من أوهام الرواة، بل نراه من الجهل بمعانى القرآن الكريم! فإن التفسير المنسوب لعمر يسير فى اتجاه مضاد للتفسير البديهى المفهوم من الآيات البينات، الآيات تقول للمشركين عن رب العزة: لا وجاهة لكم عندى، ليس لكم عذر قائم ولا حجة ناهضة، إننى منحتكم عقلا يفكر وفطرة تبعث على التوحيد والاستقامة، وأنزلت ما يمنعكم من تقليد الآباء الجهلة، فلماذا تجاهلتم هذه المعالم كلها، وهمتم على وجوهكم فى طرق الشر والغواية... أفبعد هذا التفصيل والتوضيح تبعدون عنى ولا ترجعون إلى؟؟ هذا هو تفسير الآيات كما ينقدح فى ذهن كل عاقل، وكما يثبت لأول وهلة فى فهم القارئ العادى.. ولنذكر الآيات كما وردت فى القضية كلها.. (وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين * أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم أفتهلكنا بما فعل المبطلون * وكذلك نفصل الآيات ولعلهم يرجعون ). فأين ـ يا أولى الألباب ـ آثار الجبر الإلهى هنا؟ وأين ما يفيد أن الله خلق ناسا للنار يساقون إليها راغمين، وخلق ناسا للجنة يساقون إليها محظوظين! إن التعلق بالمرويات المعلولة إساءة بالغة للإسلام، وينبغى ألا نتجاوز كتاب ربنا وسنة نبينا، وذاك نهج سلفنا الأول... كل ميل بعقيدة القدر إلى الجبر تخريب متعمد لدين الله ودنيا الناس، وقد رأيت بعض النقلة والكاتبين يهوِّنون من الإرادة البشرية، ومن أثرها فى حاضر المرء ومستقبله، وكأنهم يقولون للناس: أنتم محكومون بعلم سابق لا فكاك منه، ومسوقون إلى مصير لا دخل لكم فيه، فاجهدوا جهدكم، فلن تخرجوا عن الخط المرسوم لكم مهما بذلتم! ص _٠٣٦


الصفحة التالية
Icon