إن هذا الكلام الرديء، ليس نضح قراءة واعية لكتاب ربنا، ولا اقتداء دقيق بسنة نبينا، إنه تخليط جنينا منه المر..!! يقول الله لكل بشر على ظهر الأرض :(فأقم وجهك للدين القيم من قبل أن يأتي يوم لا مرد له من الله يومئذ يصدعون * من كفر فعليه كفره ومن عمل صالحا فلأنفسهم يمهدون )، فهل ربط الجزاء بالعمل هنا من قبيل المزاح أو الخديعة؟ وعندما يصف ربنا جزاء الكذبة والمكذبين، ويذيقهم عقبى ما قدموا ويقول :(فلنذيقن الذين كفروا عذابا شديدا ولنجزينهم أسوأ الذي كانوا يعملون * ذلك جزاء أعداء الله النار لهم فيها دار الخلد جزاء بما كانوا بآياتنا يجحدون ). هل هذا الربط المتكرر بين العمل والجزاء، هل هذه النقمة المحسوسة على المجرمين، تومئ من قرب أو بعد، إلى أن القوم كانوا أهل خير، فلوى زمامهم قدر سابق، أو "كتاب ماحق؟ ما أقبح هذا الفهم! فى يوم الحساب يحصد الناس ما زرعوا لأنفسهم، والقرآن حريص كل الحرص، على إعلان هذه الحقيقة: إنك واجد ما قدمت! لن تؤاخذ أبدا بشىء لم تصنعه، لن تغلب على إرادتك يوما فيحسب عليك ما لم تشأ… إن المغلوب على عقله، أو قصده لا يؤاخذ أبدا، بل إن التكليف يسقط عنه!! وتدبر قوله تعالى: (ألقيا في جهنم كل كفار عنيد * مناع للخير معتد مريب * الذي جعل مع الله إلها آخر فألقياه في العذاب الشديد * قال قرينه ربنا ما أطغيته ولكن كان في ضلال بعيد * قال لا تختصموا لدي وقد قدمت إليكم بالوعيد * ما يبدل القول لدي وما أنا بظلام للعبيد ) ربنا سبحانه وتعالى ينفى الظلم عن نفسه، ويقول إنه ما عذب إلا من فرط وأساء. ومع ذلك يجئ أقوام منا، فيزعمون أنه رمى بناس فى النار بعد أن قهرهم على طريقها بحجة أنه لا يسأل عما يفعل!! وليس بظالم فيما أوقع بعباده!! هذا تفكير أعمى، لا يتصل بفطرة الله، ولا بوحيه، ويجب فطام العوام عنه!! وسبب هذا الشرود، سوء الفهم للآيات، وسوء النقل للأحاديث.. ص _٠٣٧


الصفحة التالية
Icon