وقد نعزم وينفك عزمنا من تلقاء نفسه، وقد تعترضه عوائق تعصف به؛ لأنه لا يطيق مواجهتها.. وقد نطيع حافزا نفسيا عابرا فيبلغ بنا القمة أو يهوى إلى القاع... إن الإنسان عبد لله، وليس إلها على ظهر الأرض.. وقد شاء الله أن يخلقه على نحو خاص، فليس جمادا، ولا دابة ولا ملاكا.. وبطاقته أن يعبد ربه، وأن ينجح فى أداء هذه العبادة، وأن يقهر المثبطات والعقبات، فإن نجح نجا، وإلا طاح!! ولن يغنى عنه أن يقول: إننى "لجماد" لا إرادة لى.. أو إننى ورقة تطير بها الريح وتهبط.. كلا، إنك إنسان مكتمل المشيئة فى كل ما يزكى نفسك أو يدسيها، والسفسطة لا تجدى: (ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير * ثاني عطفه ليضل عن سبيل الله له في الدنيا خزي ونذيقه يوم القيامة عذاب الحريق * ذلك بما قدمت يداك وأن الله ليس بظلام للعبيد ). وبعد انتهاء الحياة تعود الأرواح إلى بارئها، ونحن أمام موقفين متضادين: هناك من قضى عمره كدحا إلى الله وجهادا فى سبيله. وهناك من عاش ذاهلا غادرا لم يقم لله بحق... أما الأولون: فإن الملائكة تستقبلهم بالترحاب والود، تقول لهم: ( إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون ). وأما الآخرون: فالاستقبال عابس، والأفق ملئ بالدخان والنذر، لقد واجه كل امرئ منهم ما كان ينكر، وعلم علم اليقين أنه كان فى ضلال مبين! إنه يتمنى فى هذه اللحظة المستحيل، يتمنى لو عاد إلى الدنيا مرة أخرى؟ كى يستأنف حياة أهدى..!! (حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون * لعلي أعمل صالحا فيما تركت كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون ). ص _٠٤٠


الصفحة التالية
Icon