وقد أحصيت فى كتاب آخر نحو عشرة مواضع، تكررت فيها هذه المنى! وهيهات فليس لامتحان العمر ملحق، ولا دور ثان يستدرك فيه المفرط ما فات.. وهذا الندم ـ بعد فوات الأوان ـ ينطق بحقيقة واحدة، شعور المجرم أنه هو الذى ظلم نفسه، وهو الذى صنع حتفه بظلفه! إنه لن يحاول الكذب فيقول: كنت مجبورا على ما كان منى، أو سبق على كتاب بما لم أرد لنفسى! ولو أنه حاول الافتراء لأخرس الله لسانه، وأنطق أركانه بما حدث... إن الله لا يكره أحدا على طريق الشر، ثم يدخله النار! ومن تصور هذا فهو جاهل بالله، طائش العقل... ومن المنتمين إلى ديننا من يتصور ذلك ـ للأسف الشديد ـ ويحاول إساغته بترهات لا تقال.. ونشرح هنا موقف الضالين كما صورته سورة المؤمنين وحدها. ليس العمر ساعة واحدة، إنه ساعات شتى، بعضها يسر، وبعضها يضر، ليس العمر موقفا واحدا، إنه مواقف، بعضها يشرف، وبعضها يخزى، والمهم، هو المحصل الأخير! (فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون * فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون * ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون * تلفح وجوههم النار وهم فيها كالحون ). ولنتدبر هذا الحوار بين رب العزة وبين الأشقياء المسجونين فى جهنم! إنه يقول لهم :(ألم تكن آياتي تتلى عليكم فكنتم بها تكذبون ) ؟ ترى ما جواب القوم؟ إنهم يطلبون فرصة أخرى، ينجحون فيها بعد هذه الفرصة الضائعة ! يقولون ( ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوما ضآلين * ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون ). ويستمع رب العزة إليهم! كان على الأرض عمل ولا حساب أما هنا فحساب ولا عمل، إنها فرصة واحدة توالت الرسل للحث على انتهازها، لكن المجرمين كابروا وكذبوا لذلك يقول الله لهم: (قال اخسئوا فيها ولا تكلمون * إنه كان فريق من عبادي يقولون ربنا آمنا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الراحمين * فاتخذتموهم سخريا حتى أنسوكم ذكري وكنتم منهم تضحكون ). ص _٠٤١


الصفحة التالية
Icon