هذا تذكير بأيام الطغيان الأولى، لطالما وثب الزائغون الطاغون على جمهور المؤمنين الضعفاء فأذاقوهم عذاب الهون، وكانوا منهم يسخرون! ها قد تبدلت المواقف وتغيرت الأحوال، ورجحت كفة الخير، وجنى الصابرون عقبى ما تحملون وأملوا. يقول! الله سبحانه خاتما الحوار :(إني جزيتهم اليوم بما صبروا أنهم هم الفائزون). أترى فى هذا الحوار أثارة من ظلم نزلت بمعذب؟ أجرؤ أحد أن يفترى على الله كذبا فيقول له: إنك كتبت على ما كتبت، والآن تؤاخذنى بما لم أستطع الفرار منه؟ إن تصوير القدر على النحو الذى جاءت به بعض المرويات غير صحيح، وينبغى ألا ندع كتاب ربنا لأوهام وشائعات تأباها روح الكتاب ونصوصه.. القرآن قاطع فى أن أعمال الكافرين هى التى أردتهم :(يا أيها الذين كفروا لا تعتذروا اليوم إنما تجزون ما كنتم تعملون ) وقاطع فى أن أعمال الصالحين هى التى نجت بهم ( ونودوا أن تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون ).. فلا احتجاج بقدر، ولا مكان لجبر. وعلى من يسيئون الفهم أو النقل، ألا يعكروا صفو الإسلام.. عندما كنت أكتب هذا البحث وقعت فى يدى كلمة جميلة للأستاذ أحمد بهجت عنوانها " المغفلون " رأيت إثباتها لغرض سينكشف بعد قليل... - " هناك ناس يحبون الله.. وهناك ناس يكرهون الحق. هناك ناس تخشع قلوبهم لذكر الله. وهناك ناس يشمئزون إذا تعلق الأمر بالحق. هناك ناس يحبون الدين، ويحبون أن تشيع الفضيلة فى الناس وأن تنتشر القيم بينهم وهناك ناس يكرهون الدين كرههم للعمى، وهؤلاء هم الذين يحبون أن تشيع الفاحشة فى الناس، وأن ينتشر العرى لتسقط العيون الجائعة عليه كما يسقط الذباب على اللحم المكشوف. ص _٠٤٢


الصفحة التالية
Icon