وفى رواية أخرى للترمذى، ما يؤكد هذا الحديث. وقد علق الشيخ محمد حامد الفقى على الحديث ورواياته بأن فى السند متهما بالوضع، ومتروكا، ومنكر الحديث!! ومع ذلك فنحن مع تهافت الأسانيد، نرى فى المتن جملا مقبولة تتلاقى مع دلالات القرآن القريبة والبعيدة، وتتفق مع العقيدة الصحيحة: إن الله أحاط بكل شئ علما، وأنه لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا، وعلينا بعد ذلك أن نكافح لنصنع مستقبلنا فى الدار الآخرة غير وانين ولا متقاعسين.. المشكلة تكمن فى أحاديث صحيحة السند، غير أن متونها توقفنا أمامها واجمين! نبحث عن تأويل لها ومخرج. خذ مثلا حديث عائشة - رضى الله عنها - قالت دعى رسول الله - ﷺ - إلى جنازة غلام من الأنصار، فقلت: يا رسول الله، طوبى لهذا! عصفور من عصافير الجنة، لم يدرك الشر، ولم يعمله! قال: "أو غير ذلك يا عائشة؟ إن الله عز وجل خلق للجنة أهلا، خلقهم لها وهم فى أصلاب آبائهم! وخلق للنار أهلا، خلقهم لها وهم فى أصلاب آبائهم " !! وخذ مثلا حديث سهل بن سعد أن رسول الله - ﷺ - قال: " إن الرجل ليعمل عمل أهل الجنة، فيما يبدو للناس وهو من أهل النار. وإن الرجل ليعمل عمل أهل النار، فيما يبدو للناس، وهو من أهل الجنة"!! وخذ مثلا حديث عبد الله بن عمرو قال رسول الله - ﷺ - :"إن الله خلق خلقه فى ظلمة، فألقى عليهم من نوره! فمن أصابه من ذلك النور اهتدى، ومن أخطأه ضل! فلذلك أقول: جف القلم على علم الله تعالى! ". وهناك أحاديث كثيرة تدور على هذا المحور أن الإنسان مسلوب المشيئة، وأنه مقهور بكتاب سابق، وأن سعيه باطل، لأنه لا يغير شيئا مما خط عليه فى الأزل. ص _٠٤٥


الصفحة التالية
Icon