المحور الثانى الكون الدال على خالقه نحن نعيش فى زاوية ضئيلة من زوايا كون ضخم، بيد أن هذه الضآلة، لم تحجب عظمة الملكوت الكبير لأن الأرض ومن عليها صنع الله الذى أتقن كل شئ. وحين ننظر إلى أنفسنا، وإلى عالمنا المحدود، ندرك أن الخالق قدير حكيم عليم، لا منتهى لكماله، ولا حدود للثناء عليه! إن ما غاب من خلقه عن وعينا أكبر مما أحسسنا وعلمنا، والأمر كما قال جل شأنه: (لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس ولكن أكثر الناس لا يعلمون ). لكن ما دخل فى دائرة وعينا، صارخ الدلالة على عظمة البديع الأعلى، شاهد صدق على أنه ذو الأسماء الحسنى، والصفات العلا. إن الجهاز الذى يخترعه أحد العباقرة، ينطق بعقل صاحبه، وشدة تألقه، وتستطيع أن تقول: إن المخترع الكبير ترك " بصماته " على جهازه لدرجة تبعثنا على الإشادة به والتنويه بفضله! وبديع السموات والأرض ـ أى خالقها على غير نموذج سابق ـ أودع فى خلايا الأجسام الحية وفى ذرات الأجرام الميتة ما ينادى بعلمه وحكمته وبركته، وآلاء تتجدد ولا تتبدد، وأمجاد ومحامد تهتف بها خلائق لا تحصى (ومن عنده لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون * يسبحون الليل والنهار لا يفترون ). إن هذا الكون، هو المسرح الأول لفكرنا، وهو الينبوع الأول لإيماننا. ص _٠٥٢


الصفحة التالية
Icon