ومن بدء الوحى لا يوجد إلا هذا المصحف ولن يوجد غيره ما بقيت الدنيا.. ولم يقع لصاحب رسالة سابقة أن أقام بكتابه دولة فى حياته! لقد تم ذلك لمحمد وحده، فكان التواتر الكتابى، والشفوى سياجا فريدا وفر للإسلام صيانة لم تعرف لغيره. وثم أمر نؤكده، إن ما أوحاه الله إلى محمد يستحيل أن يخالف وحيا نزل على نبى سبق! وفى هذا يقول الله تبارك وتعالى: (ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك)، فإذا تضمنت اليهودية أو النصرانية المعاصرتان، خدشا لجلال الله، أو انتقاصا لقدره، فليسر ذلك توجيها سماويا، إنما هو وهم بشر، ونحن لذلك نرفض أن يكون الله جسدا، أو والدا أو ولدا، كما نرفض أن يرسل الله هاديا يزنى أو يسكر، أو يرتشف شيئا من الخمر قل أو كثر... وقرآن محمد وتوراة موسى من قبل هدى ونور، وفى الوحى الخاتم، يذكرهما الله فى سياق واحد: ما لو ( قل فأتوا بكتاب من عند الله هو أهدى منهما أتبعه إن كنتم صادقين * فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهواءهم ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله ) وأعداء القرآن لهم كلام طويل ضد النبى الذى جاء به! كأنما جاء به ليطلب مالا، أو جاها وهو أزهد أهل الأرض فى المال والجاه! ما الذى قاله مستمعو القرآن عندما قرع آذانهم؟ (ربنا إننا سمعنا مناديا ينادي للإيمان أن آمنوا بربكم فآمنا ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار). ماذا طلبه مبلغ القرآن ممن صدقوه وآزروه؟ طلب منهم أن يدعوا الله له أن يتقبل جهاده، وأن يبعثه فى الآخرة مقاما محمودا..! إن وثائق العقل والنقل تتظاهر وتتزاحم على أن هذا الكتاب (لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد ). ولن يصح فى الأذهان شىء إذا اتجهت للقرآن تهمة! ص _٠١١


الصفحة التالية
Icon