إننا ـ نحن المسلمين ـ نقول فى رسوخ وشموخ: ليس فى القارات الخمس ما يسمى وحيا محضا، إلا هذا الكتاب الذى لا ريب فيه.. ولن يعرف الله معرفة صحيحة، إلا من التأمل فى معانيه ومغازيه.. وهنا نتحدث عن الموضوعات التى خاض فيها القرآن، وبسط على الناس أطرافها، لنشرح الدليل الآخر على صدق القرآن، وصدوره عن الله وحده.. لو أن كتابا ألقته أمواج البحر على الشاطئ لا ندرى من أين جاء، أو لو أن الرياح الهابة من بعد حملت إلينا كتابا لا ندرى من أرسله؟ لكان جديرا بنا أن نعرف ماذا فى هذا الكتاب؟ وما الذى حوته صحائفه؟ أهو تمجيد لجنس من الأجناس؟ أهو ثناء على ملك من الملوك؟ أهو نبوءات مبهمة؟ إن ذلك يعنينى بادئ ذى بدء.. ولقد تناولت المصحف الذى وصل إلى فى هذا العصر، وشرعت فى تدبره لأتعرف على ما فيه! وأحسست للقراءة الأولى أن الكتاب الذى بين يدى، يبدئ ويعيد فى قيادة الناس إلى الله، واستثارة مشاعرهم من الأعماق " كى يرتبطوا به، ويتوجهوا إليه، ويستعدوا للقائه.. الحديث دائم متصل عن الله، وما ينبغى له! وعن جعل الحياة الدنيا مهادا لما بعدها.. وكان هناك همس يحمله الغزو الثقافى من بعيد أن هذا القرآن من صنع محمد! وبحثت بجد فى طول القرآن وعرضه عما صنعه محمد لنفسه فى هذا الكتاب، فلم أجد شيئا صنعه محمد لنفسه، إلا أنه عبد لا يملك لنفسه ضرا ولا نفعا، عبد فقير إلى الله كسائر العباد! إن الحماس يشتعل فى الآيات النازلة على مدى ربع قرن تسبيحا لله وتمجيدا... واقتلاعا للأهواء والخرافات التى صرفت الناس عن ربهم الكريم... ماذا لمحمد فى هذا الكتاب الذى قالوا: إنه ألفه؟ وقرأت الكتب المنسوبة إلى السماء، فى زعم خصوم محمد، فما فتئت أن قلت: ص _٠١٢


الصفحة التالية
Icon