إن صح أن هذه الكتب من السماء وأن كتاب محمد من الأرض، فمعنى هذا أن محمدا أقدر على صنع الدين من رب الدين! وأنه أفصح فى الثناء على الله من الله عندما يتحدث عن نفسه!! إن تكذيب القرآن مهزلة شائنة، وإن دراسة هذا القرآن الكريم أورثتنى إحساسا بعظمة الله، لم أحسه أبدا فى قراءة كتاب آخر! لقد شعرت أن قلبى الذى يدق بين أضلاعى ما تحرك إلا بعد ما غمزته أصابع القدرة العليا، فانطلق لا يتوقف، وأن آذانى فى أصداغى ما تسمع، وعيونى فى وجهى ما ترى، إلا بعد إمداد ممن " يملك السمع والأبصار " يجعلنى أسمع وأرى. ومنذ أمد قريب اعترانى مرض مؤلم إذ تجلط الدم فى ساقى، وجاء الأطباء بجهاز يتعرف على مكان التجلط..! وبدأت أنصت لهدير مكتوم متتابع عرفت أنه صوت جريان الدم فى العروق! إن للدم فى انسيابه وانسكابه، وهبوطه وصعوده، وابتدائه من القلب، وانطلاقه خلال الشرايين والأوردة والشعيرات صوتا موجودا، وإن كنا لا نسمعه بآذاننا ذات القدرة المحدودة... شعرت بأن بدنى يغلى بالحياة والحركة، وأن هذا الغليان نضح الوجود الأعلى، فما يقوم شىء إلا بقيام الله عليه، وإمداده له (وهو الذي أنشأ لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلا ما تشكرون* وهو الذي ذرأكم في الأرض وإليه تحشرون * وهو الذي يحيي ويميت وله اختلاف الليل والنهار أفلا تعقلون ). قلت للطبيب: لو اتصلت الشرايين والشعيرات فى خط واحد ممتد، كم يبلغ طولها؟ ص _٠١٣


الصفحة التالية
Icon