ولمنافع البشر ومتاعهم ثالثا، ومع ذلك فإن أجيالا كثيفة غلقت مشاعرها دون هذه الدراسة.. أحيانا أسمع قوله تعالى: ( انظروا إلى ثمره إذا أثمر وينعه إن في ذلكم لآيات لقوم يؤمنون ). ثم أقول: هل نظرنا؟ ولماذا كان نظر غيرنا أطول وأعمق؟ وأسمع قوله تعالى: ( وفي الأرض قطع متجاورات وجنات من أعناب وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان يسقى بماء واحد ونفضل بعضها على بعض في الأكل إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون ). ثم أقول: هل عقلنا؟ وتنطلق صيحات مدوية عن سياسة التنمية، ومضاعفة الإنتاج، وعن استغلال الثروات القومية! لكن هذه الصيحات ليس وراءها إيمان حقيقى! إنها جزع من الفقر الحاضر، ووجل من نتائجه، وسيبقى هذا الفقر، حتى ترتفع النفوس إلى مستوى الإيمان، وتحسن التعامل مع توجيهات القرآن.. إن الأوروبيين والأمريكيين كانوا أقرب إلى الفطرة الصحيحة، عندما تركوا لعقولهم العنان، تبحث فى الكون، وتفيد من كنوزه وما أودع الله فيه من قوى.. وكنا نحن أبعد عن الفطرة التى هى لباب ديننا ـ عندما فتنتنا فلسفات سخيفة لا خير فيها! وعندما استمعنا إلى بعض المتدينين الهاربين من الحياة الفاشلين فى ميادين الفكر والإنتاج والسلوك، فأسأنا إلى كتابنا ولم نحقق غاياته الكبرى... الإيمان ـ كما يفهم من القرآن ـ قدرة على الحياة فى جميع دروبها، قدرة علمية ومادية يصحبها تطويع كل شئ لإرضاء الله وابتغاء وجهه. أما الحفاة الذين يصرخون بتطبيق الإسلام على الأرض، تاركين غيرهم يرجمهم بقذائفه من الجو، فهم قطعان بينها وبين الإسلام شوط واسع. ولنلق على الموضوع كله نظرة أوسع فيما يلى... ص _٠٦٢