قلت وأنا أتتبع عجائب القدرة العليا: ذاك بالنسبة إلى غيرنا فما الأمر بالنسبة لنا نحن؟ وكان الجواب أن الذى يضبط آفاق السماء، يضبط فى الوقت نفسه، اندفاق الدماء فى عروق خمسة مليارات من البشر تسكن كوكبنا. ويضبط شبكات الأعصاب فى الأجسام، وهى تستجيب لأوامر المخ الصادرة، بما ندرى، وما لا ندرى من توجيهات، ويضبط فى الوقت نفسه عصارات الحياة السارية فى كل نبات ارتفع على ساق، أو امتد على الأرض... إن الإله الذى يدير أجرام السماء، فلا يزيغ جرم عن مداره، يدبر فى الوقت نفسه أجهزة الحياة فى كل طائر يطير بجناحيه، وفى كل دابة تمشى على بطنها، أو على رجلين أو على أربع، وفى كل جرثومة تدق على البصر العادى لضآلتها، ولكنها قد تصرع العمالقة بما تحمل من أذى!! إن الله خلق الناش ليعرفوه غير أنهم ما قدروا الله حق قدره، ولو أنهما قدروه حق قدره لعلموا أنهم ما يسمعون ولا يبصرون إلا بما ركب فى وجوههم من !سماع وأبصار تحيا بإيجاده وتبقى بإمداده ( ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم إن الله على كل شيء قدير ) وعيب الحضارة الحديثة، أنها تكتشف الأسرار العظيمة، ثم تقف حيث يجب أن تنطلق.. لقد أدركت أن المخ البشرى يقود أجهزة الحياة فى الجسم الإنسانى، وأن تلافيفه المبهمة، تصنع الصحة والمرض والذكاء والغباء، وأن ألف حاسوب متطور، تعجز عن أداء وظائفه! ثم ماذا؟ ينتهى أمر المخ، وكأنه رطل من اللحم، يبيعه جزار! أما التساؤل الواجب: من صانع هذه الأداة العبقرية؟ ومن الذى يتعهدها فى دماغ الطفل حتى تنمو فى كيان عبقرى ملهم؟ أو فى كيان فران يبيع الخبز؟ وهى على الحالين تقوم بوظائف معجزة!! لا يهتم الماديون بشيء من هذا؟ لأنهم لا يهتمون بما يصلهم بالله! ص _٠٦٤