" اللهم رب كل شىء ومليكه، وإله كل شىء أعوذ بك من النار ". وفى حديث آخر: كان رسول الله يقوم فى جوف الليل فيقول: " نامت العيون وغارت النجوم وأنت الحى القيوم، لا يوارى منك ليل داج، ولا سماء ذات أبراج ولا أرض ذات مهاد، تعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور ". إن حقيقة الدين عندنا، تمزج بين الكون والحياة، والإنسان والسلوك، والعلم والتربية، والذكر والدعاء...! وإحساس المسلم أن الله بكل شئ محيط وبكل شئ بصير، وعلى كل شئ شهيد، وأنه يجير ولا يجار عليه، ويحكم فلا معقب لحكمه.. الخ. هذا الإحساس يترك أثره على قوله وفعله، وجده وهزله، ورضاه وغضبه، أو بإيجاز يخط له خطا واضحا فى شئون الحياة كلها. هذا الكلام بحاجة إلى فضل إيضاح، فإننا مجبولون على حب الشهوات، من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة... وهذا الحب يهيمن على مآربنا وأنشطتنا! فمن انحصر فى هذا المتاع، نسى ربه وآخرته، ومن ضبطه بقيود الإيمان، ولقاء الله، استقام على النهج. إننى أحيانا أغشى مجالس بعض الشباب، أو بعض التجار، وأتسمع ما يدور فيها من أحاديث، فلا ألمح إلا استغراقا فى المستقبل القريب واللذة العاجلة. الحديث عن الأسعار والسلع والغلاء والرخص، أو الحديث عن الرواتب والدرجات والترقيات.. الكل مشدود بحبال وثيقة إلى شواغل الدنيا، لا يعدوها أبدا إلى ما بعدها، ولا يرقى منها، إلى مصرف أمورها، مالك زمامها.. تذكرت قوله تعالى ( فأعرض عمن تولى عن ذكرنا ولم يرد إلا الحياة الدنيا * ذلك مبلغهم من العلم إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بمن اهتدى ). ص _٠٦٦


الصفحة التالية
Icon