الركض فى الأسواق، ثم هم من قبل ومن بعد يحبون ربهم حبا جما، ويجعلون حراكهم الدائم، إعلاء لكلمته، وسياجا لشريعته، وذخيرة يلقونه بها يوم الحساب. كل روحانية مزعومة، تثنى زمام الجماهير عن هذه الغاية، لا يمكن إقرارها، بل تجب مطاردتها فى ساحات العلم والتربية... فى يوم ما كنت أسمع إحدى الإذاعات فرأيتنى فى مصر أتلقى إعانات؟ لإنشاء محطات "الصرف الصحى" من ألمانيا الغربية، ورأيت إخواننا فى اليمن، يتلقون إعانات من الصين؟ لتعبيد عشرات الأميال! من الطرق. وكنت قبل ذلك أحس أن مادة الرغيف الذى آكله مستوردة من الخارج وكذلك السيارة التى أركبها.. فتساءلت أين نحن من دنيا الناس؟ أصحيح أن هناك روحانية تغرينا بهذا العجز؟ الحق يقال: إن هذه الروحانية ضرب من الشلل فى المواهب والتشويه للخصائص البشرية! إلا إن الإسلام شىء آخر، إننا فى واد وهو فى واد. ولسنا نقبل ديننا إلا من كتاب ربنا وسنة نبينا... ولو أن السلف الصالح الأول، وجد الآن ما تراه إلا جنا يركب البحار ويتربص داخل غواصة أو حاملة طائرات. كل ما يفرقه عن الآخرين الآن، أنه فى عمله يسجد لمن تسبح الأمواج باسمه ويحل حلاله، ويحرم حرامه، ويرجو ثوابه، ويخشى عقابه.. تلك هى الروحانية التى يعرفها ديننا، ولا يعرف سواها... إن الحضارة الحديثة عرفت الكون، وجهلت ربه أو جحدته! فهل نحسن التصدى لها عندما نجهل الكون وننسى ربه ونتجاوز هداه؟ لماذا لا نعرف الكون مثلما يعرفون أو أفضل، ثم ينظر القوم إلينا فلا يجرؤ أحد على انتقاصنا، أو الاستهانة بنا، فإذا حدثناهم عن الله الواحد أعطونا آذانهم مقدرين متأملين… وإذا رأونا نضبط غرائزنا، ونحكم هوانا، ونذكر ربنا بالغدو والآصال لم يقل أحدهم: هذه غيبيات العالم الثالث التى أزرت به وعرقلت سيره…!! الإسلام ـ فوق أرضه المهزومة ـ دين مثخن بالجراح! فالعمل به يقع فى ميدان، ولا ص _٠٧٢


الصفحة التالية
Icon