وتستطيع أن تضم إلى ذلك قصة الملك العظيم داود كما يروونها؟ لقد اغتصب امرأة قائده لما اشتهاها، ثم خطط لقتله، حتى ينفرد بعد بها... أى عظمة هذه؟ إنها عظمة السباع الباطشة ومنطق الوحوش فى الغاب..! ومن ثم فنحن لا نصدق بوجود روحانية يهودية؟ قد يكون للوصايا العشر بقايا فى نفوس العامة، تمهد لشيء من الإيمان والخير، وهذا صحيح! وقد تكون بعض النفوس مقطورة على احترام الحق والعدل، كما قال تعالى: (ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون ). وهذا أيضا صحيح.. لكن التطبيق الهابط الزائغ المنسوب لقائد الديانة وشعارها، له آثار أسبق وأعمق فى مسالك بنى إسرائيل على امتداد العصور، وما يشعر أحد من أبناء إسرائيل بحرج إذا قلد أباه فى اغتصاب آخر بالخديعة، أو العدوان عليه بالقوة. وهذا سر نقمة العالمين على اليهود من قديم.. وليس يخفف من هذه النقمة انتصارهم على العرب، فعرب اليوم فى محنة، ما مروا بمثلها فى جاهلية ولا إسلام، لأن التدين المغشوش قد يكون أنكى بالأمم من الإلحاد الصارخ. والمسلمون اليوم، يلاقون اليهود والنصارى فى جبهة واحدة، تهضم حقوقهم، وتستكثر الحياة عليهم، على أن هناك فرقا بين التصرف اليهودى القائم على الصلف والقسوة، وبين النهج الذى تحب الكنائس المسيحية أن تظهر به، وأن يؤثر عنها... فالرهبانية لا تزال نظاما روحيا وجماعيا يخلص للدين ويستعلى على الدنيا، ويعلن الإيثار والرحمة! ونظام الرهبنة ليس خاصا بالنصرانية، فهناك رهبان بوذيون، وأروع ما فى هذا النظام ـ على اختلاف العقائد ـ تفانيه فى خدمة ما يعتنق، وانخلاعه عن الشهوات التى تحكم الآخرين وتستبد بهم، وانطلاقه فى دروب الحياة مربوطا بمبدأ بارز قد يحترق من أجله كما كان الرهبان البوذيون يفعلون بأنفسهم ليؤكدوا مذهبهم ويراغموا عدوهم.. وفى أيامنا هذه لا يزال نفر كبير من الرهبان النصارى يعملون فى إفريقية وآسيا، وسط ظروف كئيبة لنشر التثليث، وتوسيع الرقعة التى