ولا بأس أن يمد الموظف يده " لقبض رشوة يشبع بها لذة سريعة، أما الاستعفاف عنها ابتغاء ما عند الله وأداء الواجب بشرف، فلون من الغباء..!! ويطرد هذا القياس بإزاء أموال الناس وأعراضهم ودمائهم، من قدر على شئ لم يحجزه عنه ذكر جنة أو نار، إن الجنة والنار كلمات رجعية يتعلق بها ناس متخلفون! وهكذا انتصر عالم الشهادة، على عالم الغيب، أو عالم الحس، على عالم الروح، ولست أزعم أن الإلحاد بدعة ظهرت فى العصر الحديث، إن الكفر عوج غائر الجذور فى تاريخ البشر! بيد أنه فى هذه الأيام شمخ ورسخ، واستغل الارتقاء العلمى، فى تفتيت الإيمان، وإقصائه عن مواطن التربية، ومظان التأثير فى الأعمال والأخلاق. وألفت النظر إلى حقيقة فى طبيعة الصراع بين الخير والشر إنه يوم يكون الخير خاطرا، يساور النفس، والشر تيارا عاصفا ملحا، فلابد!ن هزيمة الخير.. يوم يكون الحق صوتا خافتا أو لحنا ممجوجا على حين يقبل الباطل جؤارا عاليا، أو نغما عذبا فلابد من هزيمة الحق. من أجل ذلك جاءت شعائر الإسلام قوية جماعية، تحتشد لها النفوس، وتتعاون فيها قوى كثيرة.. !لصلاة سوق لا تنفض بالغدو والآصال!! يسبقها صراخ بتوحيد الله يطارد الشيطان على أديم الأرض، فما ينقطع صدأه فى مكان! إلا ليتجدد فى مكان آخر! وجراثيم الهوى تبيد فى ذلك الجو الصاحى! أما مع إضاعة الصلوات وجفاف روحانيتها فإن الشهوات تنطلق وتهيمن، قال تعالى! (فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا * إلا من تاب وآمن وعمل صالحا فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون شيئا ). وقد رأيت الاستعمار الحاقد على الإسلام، يضرب كل تجمع على الإيمان، ويحاصر كل امرئ يتوقع منه القدرة على إنشاء الجماعات ودعمها... ذلك أن المؤمنين الفرادى هم بقايا كيان انهارت لبناته ويوشك على التلاشى، فهم مائتون لا محالة، إن لم يكن اليوم فغدا... وذاك ما حدث لمسلمين آسيا وإفريقيا.. ص _٠٧٨


الصفحة التالية
Icon