بل عند التحقيق نرى أن قصة آدم فى سورة البقرة هى آخر ما نزل بشأنه!! وقد عُنى السياق هنا ـ فى إجمال مقصود ـ بإبراز خطأ آدم، وتحميله مسئولية الخروج من الجنة، ووصفه بأنه عبد خالف ما صدر إليه من أمر، فاستحق العقاب، وأن الله ـ تفضلا منه على عبد ضعيف ـ قد ألهمه التوبة، فلما تاب أهبطه إلى الأرض ليبدأ حياة شاقة، يعود بعدها إلى الجنة، إن هو أحسن. وما سر هذا العرض؟ السر هو تكذيب أوهام اليهود عن آدم كما ذ كرت فى العهد القديم، وتبيين الحقيقة المجردة.. ونورد هنا ما جاء فى الإصحاح الثالث من سفر التكوين "وقال الرب: هو ذا الإنسان قد صار كواحد منا! عارفا الخير والشر. والآن لعله يمد يده، ويأخذ من شجرة الحياة أيضا ويأكل ويحيا إلى الأبد! فأخرجه الرب الإله من جنة عدن ليعمل الأرض التى أخذ منها، فطرد الإنسان، وأقام شرقى جنة عدن " الكروبيم" الملائكة ولهيب سيف متقلب لحراسة طريق شجرة الحياة... "!! فى هذه السطور نرى أن الشجرة التى أكل منها آدم، واستحق غضب الله، هى شجرة المعرفة! أى معرفة؟ معرفة الخير والشر!! كأن الله يريد أن يكون آدم جهولا، لا يدرى ما الخير وما الشر؟ والذى عندنا أن الله علم آدم الأسماء كلها، وميزه بسعة المعرفة، ويستحيل أن يجعله حيوانا لا يعرف الخير من الشر.. والمضحك أن الله ـ بزعم كاتب العهد القديم ـ خشى أن يرتقى آدم ويضم إلى ما حصل عليه من معرفة، الأكل سن شجرة الحياة، وبذلك يصير من الخالدين بعد أن صار من العارفين! وعبارة كاتب العهد القديم هى "وقال الرب هو ذا الإنسان قد صار كواحد منا..." وذلك أمر مخوف! واحد ممن؟ إن العالم ليس قطاعا عاما يديره مجلس إدارة منتخب أو معين! (إنما الله إله واحد )، وكلمة واحد منا جملة تصدر من متحدث باسم آلهة الأولمب، وأسرة الأوثان التى وعاها أدب الإغريق... ص _٠٨٥