زمنه؟ كلا، إنه محفوظ يستطيع رب العالمين أن يعيده عندما يشاء، وهو فى كتابه الخاتم يعرض علينا نماذج منه فى رواية صادقة ؛ لنرى من سبقونا فى هزلهم، وجدهم، وغيهم ورشدهم، واعتدا لهم وكبريائهم، واستقامتهم واعوجا جهم، إنها روايات للواقع المضبوط لا مكان فيها لخيال :( كذلك نقص عليك من أنباء ما قد سبق وقد آتيناك من لدنا ذكرا * من أعرض عنه فإنه يحمل يوم القيامة وزرا * خالدين فيه وساء لهم يوم القيامة حملا ). ولسنا الآن بصدد كتابة مفصلة عن القصص القرآنى، إنما نريد التماس بعض الأشفية الإلهية للعلل البشرية، وذلك بالتفرس فى أحوال الماضين، وتقلبهم فى البلاد إلى أن استكانوا تحت الثرى.. ونحن نعلم أن الإنسان هو الإنسان، قد يختلف فى ريفه وحضره وأميته وثقافته، ولكن ذلك الاختلاف يبدو فى وسائله إلى أهدافه.. أما غرائزه فهى هى أصلها ثابت، قلما يعروها تغيير. إن عرام الشهوات فى "هوليود" لا يقل عن أمثاله من عشرات القرون فى أسواق النخاسة أو مواطن البغاء مهما تقدم العلم.. ومخازى الاستعمار، لا تقل عن أمثالها أيام جبروت الأباطرة والفراعنة، وإن لطفت الأسماء، ورقت العناوين... ومن الخطأ أن نحسب الدين تجميدا للحياة على نحو بدائى، أو أن الشخص الساذج أدنى إلى الله من الإنسان الواعى اللبيب، إن لباب الدين، سناء الباطن، ونضارة العقل - هكذا تعلمنا من كتابنا- وساكن القصر الدميث الأخلاق أحب إلى الله من ساكن الكوخ الفظ، وابن الصحراء السائب الشهوات، أبعد عن الله، من ابن المدينة، المضبوط الزمام، البادى العفاف..! وقد نظرت إلى طبيعة الحضارة الحديثة فأحسست العجب، إنها ترى ما فوق القمر ولكنها تعمى عما تحت قدمها، أعجبنى ما كتبه الأستاذ "أحمد بهجت " تعليقا على تقرير الأم المتحدة عن صحة الأطفال.. قال: "فى العام الماضى وحده مات ١٤ مليون طفل كان الجفاف الناجم عن الإسهال سبب الوفاة فى ٧٠% من الحالات، ثم تأتى الحصبة والملاريا


الصفحة التالية
Icon