وهو يهتف بأمر الله: ( قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين * لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين ). ص _٠٩٨
إن الكمال الإنسانى بلغ مداه فى شخص محمد، وفى أسلوب البناء الذى أقام به أمته، وفى ضمانات البقاء التى جعلت الرسالة الأخيرة لا تبلى على اختلاف الليل والنهار... إن دين الله هو الإسلام، ولا شىء غير الإسلام، ولم يدع نبى سبق إلا إلى هذا الإسلام! والعناوين التى شاعت لتراث بعض الأنبياء هى عناوين مجازية. ولم يقع بتة وحى يقول : إن لله ولدا، وإن هذا الولد افتدى بدمه خطايا الخلق، بل الذى جاء على لسان النبى الذى ينتمى إليه أهل الكتاب جميعا غير ذلك ( أم لم ينبأ بما في صحف موسى * وإبراهيم الذي وفى * ألا تزر وازرة وزر أخرى * وأن ليس للإنسان إلا ما سعى * وأن سعيه سوف يرى * ثم يجزاه الجزاء الأوفى)، وتوراة موسى تؤكد ما ذكرنا عن حقيقة الإسلام وطبيعته ( إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا والربانيون والأحبار بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء ). وليس عيسى إلا واحدا من أنبياء بنى إسرائيل، تميز على إخوانه الأنبياء بصبره الطويل وجهاده المرير مما جعله واحدا من الأنبياء أولى العزم.. والعالم الآن يشهد منظرا تقشعر منه الجلود، فقد أحاطت بالمسلمين هزائم مخزية، وأقبل اليهود فى موكب يختال بالبأس والغنى، وظاهرتهم الصليبية العالمية المستولية على المشارق والمغارب! ترى هل يضيع الحق فى حومة هذه المعركة العمياء؟ وهل يسقط علم التوحيد؟ ويتحول المسجد الأقصى إلى هيكل يسكنه " رب إسرائيل " ليحكم الناس من خلال شعبه المختار كما يزعم القوم؟ لقد مر آباؤنا بمثل هذه المحنة، ثم خرجوا منها موفورين بعدما أصلحوا شأنهم واصطلحوا مع الله، فهل نتأسى بهم؟ إن الحق لا يزرى به أن تمر به أيام عجاف، ولا يضيع جوهره؟ لأن عللا عارضة مرت بأهله. ص _٠٩٩