والباطل لا يمسى حقا لأن دورة من أدوار الزمن منحته القوة وأقامت له دولة، ولم تتحول جرائم فرعون إلى فضائل، لأنه ملك سلطة الأمر والنهى واستطاع تذبيح الأبناء واستحياء النساء. ونحن نزن الجماهير والقادة جميعا بمدى اقترابهم من الحق وابتعادهم عن الباطل.. وقد وهت صلة أهل الكتاب برسلهم، وتبخر الوحى الإلهى من بين أيديهم، وفى مسالكهم ومعاملاتهم، وإذا كان اليهود لا يقومون بتوراة موسى، والنصارى لا يقومون بإنجيل عيسى فبم يقومون؟ وإلى أى شىء يدعون؟ من أجل ذلك جاء فى القرآن الكريم: ( قل يا أهل الكتاب لستم على شيء حتى تقيموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليكم من ربكم ). وقد احترم المسلمون بقايا الوحى عند من سبقهم من أهل الكتاب، وأحسنوا العلاقات معهم، غير أن الملوك والساسة والكهان وأصحاب الأطماع، رأوا أن يتجهموا للإسلام ويعرقلوا سيره ويكنوا أشد البغضاء لأمته، وقد وقع ذلك قديما وهو يتكرر الآن فى صور منكرة دميمة.. ولأمر ما تكرر التحذير من هذه المشاعر الآثمة. قال تعالى: ( ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا ). (ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يشترون الضلالة ويريدون أن تضلوا السبيل ). (وليزيدن كثيرا منهم ما أنزل إليك من ربك طغيانا وكفرا ). (يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتاب يردوكم بعد إيمانكم كافرين ). وقد نظرت إلى السياسة العالمية ضد الإسلام فوجدت قادتها- وهم معروفون- حراصا على أمور: رفض الانتماء إلى الإسلام بين أممه التى صحت وترجيح الانتماء العلمانى عليه، ورفض الاحتكام إلى التشريع السماوى وتغليب القانون الوضعى عليه... وتقليب الأمور بحيث ينهزم الإسلاميون فى كل مجال... ص _١٠٠


الصفحة التالية
Icon