وأية أمة يحظر عليها الانتماء إلى دينها والاحتكام إلى تعاليمه والحفاظ على شعائره، فإنها قد تبقى جيلا أو جيلين ثم تتلاشى فى الأعقاب التائهين، ويحولها الشتات إلى قطيع يصاد واحدا واحدا. والغريب أن ساسة أهل الكتاب يلقون عبدة الأوثان بروح أطيب، ونفس أهدأ فأى إيمان هذا؟ يقرر العلماء أن قصص القرآن الكريم- قبل أن تكون تأريخا للأشخاص والأحداث - فهى مجلى لعقائده وآدابه، وما شرع من عبادات وسياسات.. والقصة حيث كانت عنصر تربية، وشارة توجيه، وإفرادها أو تكريرها مقرون بحكمة وغاية ويمكن إبراز هذه الحكم والغايات عندما يوضع تفسير موضوعى لسور القرآن الكريم كلها على نحو ما وضع الشيخ محمد عبد الله دراز لسورة البقرة فى كتابه النبأ العظيم... على أننا نختم هذا الباب بإشارة إلى أن الله وصف كتابه بأنه " مبين "، ووصف البلاغ المكتوب على المرسلين بالوصف نفسه: (وإن تكذبوا فقد كذب أمم من قبلكم وما على الرسول إلا البلاغ المبين)، إن الإبانة تقطع كل عذر وتكشف كل شبهة، فهل قامت أمتنا بحقوق هذا البلاغ المبين، فجلت للجاهلين برسالة محمد ما أودع الله فيها من حق ورحمة؟ إن أمتنا فى أعصار طويلة- ونقولها آسفين- ما قامت ببلاغ مبين ولا مجرد بلاغ، ولها كغيرها من الأم السابقة قصة يجب أن تحكى!! وقد رأيت قياما بحق الله أن أصف بأمانة موقف المسلمين من رسالتهم وصفا سريعا يميط اللثام عن أسباب الهزائم والتراجع فى أكثر من ميدان، لعل فى هذا الوصف عبرة يفيد منها اللاحقون، وإنا لله وإنا إليه راجعون... ص _١٠١